صفحة جزء
909 حدثنا محمد بن علي بن الوليد البصري ، حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا معتمر بن سليمان ، حدثنا كهمس بن الحسن ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمر ، عن أبيه عمر بن الخطاب بحديث الضب : أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في محفل من أصحابه إذ جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا ، وجعله في كمه يذهب به إلى رحلة ، فرأى جماعة ، فقال : على من هذه الجماعة ؟ فقالوا : على هذا الذي يزعم أنه نبي ، فشق الناس ، ثم أقبل على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال : يا محمد ، ما اشتملت النساء على ذي لهجة أكذب منك وأبغض إلي منك ، ولولا أن تسميني قومي عجولا لعجلت عليك ، فقتلتك ، فسررت بقتلك الناس أجمعين ، فقال عمر : يا رسول الله ، دعني أقتله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا " ، ثم أقبل على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال : واللات والعزى ، لآمنت بك ، وقد قال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " يا أعرابي ، ما حملك على أن قلت ما قلت ، وقلت غير الحق ، ولم تكرم مجلسي ؟ قال : وتكلمني أيضا استخفافا برسول الله ، واللات والعزى لآمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب ، فأخرج الضب من كمه ، وطرحه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وقال : إن آمن بك هذا الضب آمنت بك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " يا ضب " ، فتكلم الضب بلسان عربي مبين يفهمه القوم جميعا : [ ص: 65 ] لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " من تعبد ؟ " قال : الذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر سبيله ، وفي الجنة رحمته ، وفي النار عذابه ، قال : " فمن أنا يا ضب ؟ " قال : أنت رسول رب العالمين ، وخاتم النبيين ، قد أفلح من صدقك ، وقد خاب من كذبك ، فقال الأعرابي : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنت رسول الله حقا ، والله لقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد أبغض إلي منك ، ووالله لأنت الساعة أحب إلي من نفسي ومن والدي ، فقد آمن بك شعري وبشري ، وداخلي وخارجي ، وسري وعلانيتي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " الحمد لله الذي هداك إلى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى عليه ، ولا يقبله الله إلا بصلاة ، ولا يقبل الصلاة إلا بقرآن " ، فعلمه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " الحمد لله " ، و " قل هو الله أحد " ، فقال : يا رسول الله ، والله ما سمعت في البسيط ، ولا في الرجز أحسن من هذا ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " إن هذا كلام رب العالمين ، وليس بشعر ، وإذا قرأت " قل هو الله أحد " مرة فكأنما قرأت ثلث القرآن ، وإذا قرأت " قل هو الله أحد " مرتين فكأنما قرأت ثلثي القرآن ، وإذا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله " ، فقال الأعرابي : نعم الإله إلهنا ، يقبل اليسير ويعطي الجزيل ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " أعطوا الأعرابي " ، فأعطوه حتى أبطروه ، فقام عبد الرحمن بن عوف ، فقال : يا رسول الله ، إني أريد أن أعطيه ناقة أتقرب بها إلى الله - عز وجل - دون البختي وفوق الأعرابي وهي عشراء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " إنك قد وصفت [ ص: 66 ] ما تعطي ، وأصف لك ما يعطيك الله جزاء " قال : نعم ، قال : " لك ناقة من در جوفاء ، قوائمها من زبرجد أخضر ، وعنقها من زبرجد أصفر ، عليها هودج ، وعلى الهودج السندس والإستبرق ، تمر بك على الصراط كالبرق الخاطف " ، فخرج الأعرابي من عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلقيه ألف أعرابي على ألف دابة بألف رمح وألف سيف ، فقال لهم : أين تريدون ؟ قالوا : نقاتل هذا الذي يكذب ، ويزعم أنه نبي ، فقال الأعرابي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقالوا له : صبوت ؟ فقال : ما صبوت ، وحدثهم بهذا الحديث ، فقالوا بأجمعهم : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فتلقاهم في رداء ، فنزلوا على ركبهم يقبلون ما ولوا منه ، ويقولون : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فقالوا : مرنا بأمرك يا رسول الله ، فقال : " تدخلوا تحت راية خالد بن الوليد " قال : فليس أحد من العرب آمن منهم ألف جميعا إلا بنو سليم . لم يروه عن داود بن أبي هند بهذا التمام إلا كهمس ، ولا عن كهمس إلا معتمر . تفرد به محمد بن عبد الأعلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية