صفحة جزء
10210 وعن أنس قال : لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ما شاء .

فأتى امرأته حين قدم ، فقال : اجمعي لي ما كان عندك ; فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ; فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم .

قال : وفشا ذلك بمكة ، وانقمع المسلمون ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا ، قال : وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم .

قال معمر : فأخبرني عثمان الجزري ، عن مقسم قال : فأخذ العباس ابنا له يقال له : قثم ، فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول : حبي قثم شبيه ذي الأنف الأشم نبي ذي النعم برغم من رغم . قال ثابت ، [ عن الحجاج ] عن أنس : ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج بن علاط ، فقال : ويلك ماذا جئت به ؟ وماذا تقول ؟ فما وعد الله عز وجل خير مما جئت به . قال الحجاج بن علاط لغلامه : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له ليخل لي [ في ] بعض بيوته لآتيه ، فإن الخبر على ما يسره ، فجاء غلامه فلما بلغ باب الدار ، قال : أبشر أبا الفضل قال : فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه ، فأخبره ما قال الحجاج فأعتقه ، قال : ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد افتتح خيبر ، وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله صفية بنت حيي فاتخذها لنفسه ، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته ، أو تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، ولكني جئت لمال كان لي ههنا أردت أن أجمعه فأذهب به ، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن لي أن أقول ما شئت ، فأخف عني ثلاثا ثم اذكر ما بدا لك .

قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي أو متاع فدفعته إليه ثم استمر به ، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج ، فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته أنه ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت : لا يخزيك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك .

قال : أجل لا يخزني الله ، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا ، فتح الله خيبر على رسوله ، [ ص: 155 ] وجرت سهام الله ، واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية لنفسه ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا ، قال : فإني صادق ، والأمر على ما أخبرتك ، ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون إذا مر بهم : لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل .

قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله تبارك وتعالى ، قد أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله عز وجل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجرت فيها سهام الله ، واصطفى صفية لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله ، وما كان له من شيء ههنا ثم يذهب .

قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون ورد [ الله - يعني ] ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين
. رواه أحمد ، وأبو يعلى ، والبزار ، والطبراني ، ورجاله رجال الصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية