صفحة جزء
10445 - وعن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل قال :

سألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي . قال : قلت : فيم فارقوه ؟ وفيم استحلوه ؟ وفيم دعاهم ؟ وبم استحل دماءهم ؟ قال : إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين ، اعتصم هو وأصحابه بجبل ، فقال له عمرو بن العاص : أرسل إليه بالمصحف فلا والله لا نرده عليك . قال : فجاء رجل يحمله ينادي : بيننا وبينكم كتاب الله ، ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب . . . الآية . قال علي : نعم بيننا وبينكم كتاب الله ، أنا أولى به منكم .

فجاءت الخوارج ، وكنا نسميهم يومئذ القراء ، وجاءوا بأسيافهم على عواتقهم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ألا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم ؟ . فقام سهل بن حنيف ، قال : يا أيها الناس ، اتهموا أنفسكم ، لقد كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية ولو نرى قتالا قاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطاب ، فقال : يا رسول الله ، ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : " بلى " . قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : " بلى " . قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : " يا ابن الخطاب ، إني رسول الله ولن يضيعني أبدا " .

فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ألسنا على الحق ، وهم على الباطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة ، وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى . قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ، ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا .

قال : فنزل القرآن على محمد بالفتح ، فأرسل إلى عمر ، فأقرأه ، فقال : يا رسول الله ، أوفتح هو ؟ قال : " نعم " . [ ص: 238 ] قال : فطابت نفسه ورجع ، ورجع الناس
، ثم إنهم خرجوا بحروراء - أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا - فأرسل إليهم علي ينشدهم الله ، فأبوا عليه . فأتاهم صعصعة بن صوحان فأنشدهم ، وقال : علام تقاتلون خليفتكم ؟ قالوا : مخافة الفتنة . قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل . فرجعوا وقالوا : نسير على ما جئنا ، فإن قبل علي القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفين ، وإن نقضها قاتلنا معه . فساروا حتى بلغوا النهروان . فافترقت منهم فرقة ، فجعلوا يهدون الناس ليلا ، قال أصحابهم : ويلكم ما على هذا فارقنا عليا ، فبلغ عليا أمرهم فخطب الناس ، فقال : ما ترون ، نسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم ؟ قالوا : بل نرجع فذكر أمرهم ، فحدث عنهم بما قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

" إن فرقة تخرج عند اختلاف من الناس ، تقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق ، علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة " .

فساروا حتى التقوا بالنهروان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقف لهم ، فقال علي : يا أيها الناس ، إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله ، فلا يكونن هذا فعالكم ، فحمل الناس حملة واحدة ، فانجلت الخيل عنهم وهم منكبون على وجوههم .

فقام علي ، فقال : اطلبوا الرجل الذي فيهم ، فطلب الناس الرجل فلم يجدوه ، حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم . قال : فدمعت عين علي ، قال : فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض ، فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه ، فقال علي : الله أكبر . وفرح ، وفرح الناس ورجعوا . وقال علي : لا أغزو العام . ورجع إلى الكوفة ، وقتل رحمه الله ، واستخلف الحسن ، وسار سيرة أبيه ، ثم بعث بالبيعة إلى معاوية .

قلت : في الصحيح بعضه .

رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية