صفحة جزء
10451 وعن جندب قال :

لما فارقت الخوارج عليا خرج في طلبهم ، وخرجنا معه ، فانتهينا إلى عسكر القوم ، وإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ، وإذا فيهم أصحاب الثفنات ، وأصحاب البرانس ، فلما رأيتهم دخلني من ذلك شدة ، فتنحيت فركزت رمحي ، ونزلت عن فرسي ، ووضعت برنسي ، فنثرت عليه درعي ، وأخذت بمقود فرسي ، فقمت أصلي إلى رمحي ، وأنا أقول في صلاتي : اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن لي فيه ، وإن كان معصية فأرني براءتك . قال : فإنا كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما حاذاني ، قال : تعوذ بالله ، تعوذ بالله يا جندب من شر الشك ، فجئت أسعى إليه ، ونزل فقام يصلي ، إذ أقبل رجل على برذون يقرب به ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قال : ما شأنك ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر . قال : ما قطعوه ؟ قلت : سبحان الله . ثم جاء آخر أرفع منه في الجري ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قال : ما تشاء ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر ، فذهبوا ، قلت : الله أكبر ، قال علي : ما قطعوه .

ثم جاء آخر يستحضر بفرسه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قال : ما تشاء ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر ، قال : ما قطعوه ولا يقطعوه ، وليقتلن دونه ، عهد من الله ورسوله .

قلت : الله أكبر ، ثم قمت فأمسكت له بالركاب ، فركب فرسه ، ثم رجعت إلى درعي فلبستها ، وإلى قوسي فعلقتها ، وخرجت أسايره . فقال لي : يا جندب ، قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : أما أنا ، فأبعث إليهم رجلا يقرأ المصحف ، يدعو إلى كتاب الله ربهم ، وسنة نبيهم ، فلا يقبل علينا بوجهه حتى يرشقوه بالنبل ، يا جندب ، أما إنه لا يقتل منا عشرة ، ولا ينجو منهم عشرة .

فانتهينا إلى القوم وهم في معسكرهم الذي كانوا فيه لم يبرحوا ، فنادى علي في أصحابه فصفهم ، ثم أتى الصف من رأسه ذا إلى رأسه ذا مرتين ، وهو يقول : من يأخذ هذا المصحف ، فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله ربهم ، وسنة نبيهم ، وهو مقتول وله [ ص: 242 ] الجنة ؟ فلم يجبه إلا شاب من بني عامر بن صعصعة ، فلما رأى علي حداثة سنه ، قال له : ارجع إلى موقفك .

ثم نادى الثانية فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب .

ثم نادى الثالثة فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب ، فقال له علي : خذ ، فأخذ المصحف ، فقال له : أما إنك مقتول ، ولست مقبلا علينا بوجهك حتى يرشقوك بالنبل .

فخرج الشاب بالمصحف إلى القوم ، فلما دنا منهم حيث يسمعون قاموا ونشبوا الفتى قبل أن يرجع ، قال : فرماه إنسان ، فأقبل علينا بوجهه فقعد ، فقال علي : دونكم القوم ، قال جندب : فقتلت بكفي هذه بعد ما دخلني ما كان دخلني ثمانية ، قبل أن أصلي الظهر ، وما قتل منا عشرة ، ولا نجا منهم عشرة كما قال . .

رواه الطبراني في الأوسط من طريق أبي السابعة ، عن جندب ، ولم أعرف أبا السابعة ، وبقية رجاله ثقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية