صفحة جزء
10875 - وعن بريدة قال : بلغني أن معاذ بن جبل أخذ الشيطان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته فقلت : بلغني أنك أخذت الشيطان على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال : نعم ، ضم إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمر الصدقة ، فجعلته في غرفة لي ، فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا ، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : " هو عمل [ ص: 322 ] الشيطان فارصده " .

قال : فرصدته ليلا ، فلما ذهب هوي من الليل ، أقبل على صورة الفيل ، فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب على غير صورته ، فدنا من التمر فجعل يلتقمه ، فشددت علي ثيابي فتوسطته ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، يا عدو الله ، وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته ، وكانوا أحق به منك ، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك . فعاهدني أن لا يعود .

فغدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما فعل أسيرك ؟ " . فقلت : عاهدني أن لا يعود . قال : " إنه عائد فارصده " . فرصدته الليلة الثانية فصنع مثل ذلك ، وصنعت مثل ذلك ، وعاهدني أن لا يعود فخليت سبيله .

ثم غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخبره ، فإذا مناديه ينادي : " أين معاذ ؟ " . فقال لي : " يا معاذ ، ما فعل أسيرك ؟ " . فأخبرته فقال لي : " إنه عائد فارصده " .

فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك ، وصنعت مثل ذلك ، فقلت : يا عدو الله ، عاهدتني مرتين وهذه الثالثة ، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك .

فقال : إني شيطان ذو عيال ، وما أتيتك إلا من نصيبين ، ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم ، فلما نزلت عليه آيتان أنفرتنا منها ، فوقعنا بنصيبين ،
ولا يقرآن في بيت إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا ، فإن خليت سبيلي علمتكهما ، قلت : نعم ، قال : آية الكرسي ، وخاتمة سورة البقرة : آمن الرسول ، إلى آخرها .

فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخبره ، فإذا مناديه ينادي : " أين معاذ بن جبل ؟ " . فلما دخلت عليه ، قال لي : " ما فعل أسيرك ؟ " . قلت : عاهدني أن لا يعود وأخبرته بما قال . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صدق الخبيث وهو كذوب " . قال : فكنت أقرؤهما عليه بعد ذلك فلا أجد فيه نقصانا
.

رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو صدوق إن شاء الله كما قال الذهبي ، قال ابن أبي حاتم : وقد تكلموا فيه ، وبقية رجاله وثقوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية