صفحة جزء
12047 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم عبد الله بن عمرو ذات يوم ، وكانت امرأة تلطف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كيف أنت يا أم عبد الله ؟ " . قالت : بخير ، بأبي أنت يا رسول الله وأمي ، فكيف أنت ؟ قال : " بخير " . قالت : عبد الله رجل قد تخلى من الدنيا . قال : " وكيف ؟ " . قالت : حرم النوم فلا ينام ، ولا يفطر ، ولا يطعم اللحم ، ولا يؤدي إلى أهله حقهم . قال : " فأين هو ؟ " . قالت : خرج ويوشك . قال : " فإذا رجع فاحبسيه " . قالت : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء عبد الله ، فأوشك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجعة وقال : " يا عبد الله بن عمرو ، ما هذا الذي بلغني عنك ؟ " . قال : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : " بلغني أنك لا تنام ولا تفطر " . قال : أردت بذلك الأمن من يوم الفزع الأكبر . " وبلغني أنك لا تطعم اللحم " . قال : أردت بذلك طعاما خيرا منه في الجنة . قال : " وبلغني أنك لا تؤدي إلى أهلك حقهم " . قال : أردت بذلك نساء هن خير منها في الجنة . قال : " يا عبد الله بن عمرو ، إن لك في رسول الله أسوة حسنة ، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم ويفطر ، وينام ويقوم ، ويأكل اللحم ، ويؤدي إلى أهله حقهم . يا عبد الله ، إن لله - عز وجل - عليك حقا ، وإن لبدنك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا " . قال : يا رسول الله ، تأمرني أن أصوم خمسة أيام وأفطر يوما ؟ قال : " لا " . قال : فأصوم أربعة أيام وأفطر يوما ؟ قال : " لا " . قال : فأصوم ثلاثة أيام وأفطر يوما ؟ قال : " لا " . قال : فأصوم يومين وأفطر يوما ؟ قال : " لا " . قال : أفأصوم يوما وأفطر يوما ؟ قال : " ذلك صوم أخي داود ، يا عبد الله بن عمرو ، وكيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم ومواثيقهم وكانوا هكذا " ، وخالف بين أصابعه . قال : فما تأمرني ؟ قال : " تأخذ بما تعرف ، وتدع ما تنكر ، وتعمل لخاصة نفسك ، وتدع الناس وعوام أمورهم " . ثم أخذ بيده ، وأقبل يمشي به حتى وضع يده في يد أبيه ، قال : " أطع أباك " . فلما [ ص: 240 ] كان يوم صفين قال له أبوه : يا عبد الله ، اخرج فقاتل . فقال : يا أبتاه ، تأمرني أن أخرج فأقاتل ، وقد سمعت ما سمعت يوم يعهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يعهد ؟ قال : أنشدك الله يا عبد الله بن عمرو ، ألم يكن آخر ما عهد إليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أخذ بيدك فوضعها في يدي ثم قال : " أطع أباك ؟ " . قال : بلى . قال : فإني أعزم أن تخرج فتقاتل . فخرج متقلدا بسيف ، فلما انكشفت الحرب أنشأ عمرو بن العاص يقول :

شبت الحرب فأعددت لها مقرع الحارك مروي الثبج     يصل الشد بشد وإذا
وثب الحبل من الشد معج     جرشع أعظمه جفرته
فإذا ابتل من الماء حدج

.

وأنشأ عبد الله بن عمرو يقول :

ولو شهدت جمل مقامي ومشهدي     بصفين يوما شاب منها الذوائب
عشية جا أهل العراق كأنهم     سحاب ربيع رفعته الجنائب
وجئناهم نردى كأن صفوفنا     من البحر موج مده متراكب
إذا قلت : قد ولوا سراعا بدت لنا     كتائب منهم وارجحنت كتائب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم     سراة النهار ما تولى المناكب
فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا     عليا فقلنا لا نرى أن تضاربوا

.

قلت : في الصحيح بعض أوله .

رواه الطبراني من رواية عبد الملك بن قدامة الجمحي ، عن عمرو بن شعيب ، وعبد الملك وثقه ابن معين وغيره ، وضعفه أبو حاتم ، وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية