صفحة جزء
15525 - وعن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال : خرج نافع بن الأزرق ، ونجدة بن عويمر ، في نفر من رءوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه ، حتى قدموا مكة ، فإذا هم بعبد الله بن عباس قاعدا قريبا من زمزم ، وعليه رداء له أحمر وقميص ، فإذا ناس قيام يسألونه عن التفسير ، يقولون : يا أبا عباس ، ما تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : هو كذا وكذا . فقال له نافع : ما أجرأك يا ابن عباس على ما تخبر به منذ اليوم ! فقال له ابن عباس : ثكلتك أمك وعدمتك ، ألا أخبرك من هو أجرأ مني ؟ قال : من هو يا ابن عباس ؟ قال : رجل تكلم بما ليس له به علم ، أو رجل كتم علما عنده . قال : صدقت يا ابن عباس ، إني أتيتك لأسألك . قال : هات يا ابن الأزرق فسل . قال : أخبرني عن قول الله - عز وجل - : يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس . ما الشواظ ؟ قال : اللهب الذي لا دخان فيه . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت :

ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تذب إلى عكاظ     أليس أبوك قينا كان فينا
إلى القينات فسلا في الحفاظ     يمانيا يظل يشب كيرا
وينفخ دائبا لهب الشواظ

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قوله : ونحاس فلا تنتصران . قال : الدخان الذي لا لهب فيه . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول :

يضيء كضوء سراج السليط     لم يجعل الله فيه نحاسا

.

يعني دخانا . قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله : أمشاج نبتليه . قال : ماء الرجل وماء المرأة ، إذا اجتمعا في الرحم كان مشيجا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك [ ص: 279 ] قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي وهو يقول :

كأن النصل والقوقين منه     خلال الريش سيط به مشيج

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله تعالى : والتفت الساق بالساق . ما الساق بالساق ؟ قال : الحرب . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب :

أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها     وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : بنين وحفدة . ما البنين والحفدة ؟ قال : أما بنوك فإنهم يتعاطونك ، وأما حفدتك فإنهم خدمك . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت :

حفد الولائد حولهن وألقيت     بأكفهن أزمة الأحمال

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : إنما أنت من المسحرين [من المسحرون] ؟ قال : من المخلوقين . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو يقول :

فإن تسألينا مم نحن فإننا     عصافير من هذا الأنام المسحر

. قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : فنبذناهم في اليم وهو مليم . ما المليم ؟ قال : المذنب . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول :

بعيد من الآفات لست لها بأهل     ولكن المسيء هو المليم

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : قل أعوذ برب الفلق ، ما الفلق ؟ قال : هو الصبح قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة وهو يقول :

الفارج الهم مبذول عساكره     ما يفرج ضوء الظلمة الفلق

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : [ ص: 280 ] لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم . ما الأساة ؟ قال : لا تحزنوا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :

قليل الأسى فيما أتى الدهر دونه     كريم الثنا حلو الشمائل معجب

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : إنه ظن أن لن يحور . ما يحور ؟ قال : يرجع . قال : هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :

وما المرء إلا كشهاب وضوئه     يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : يطوفون بينها وبين حميم آن . ما الآن ؟ قال : الذي انتهى حره قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :

فإن يقبض عليك أبو قبيس     تحط بك المنية في هوان
وتخضب لحية غدرت وخانت     بأحمر من نجيع الجوف آن

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : فأصبحت كالصريم . ما الصريم ؟ قال : الليل المظلم . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :

لا تزجروا مكفهرا لا كفاء له     كالليل يخلط أصراما بأصرام

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : إلى غسق الليل . ما غسق الليل ؟ قال : إذا أظلم . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول النابغة :

كأنما جد ما قالوا وما وعدوا     آل تضمنه من دامس غسق

قال أبو خليفة : الآل : الشراب . قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وكان الله على كل شيء مقيتا . ما المقيت ؟ قال : قادر . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول النابغة :

وذي ضغن كففت الضغن عنه     وإني في مساءته مقيت

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : والليل إذا عسعس ؟ قال : إقبال [ ص: 281 ] سواده . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :

عسعس حتى لو يشاء أدنى     كأن له من ضوء نوره قبس

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وأنا به زعيم . قال : الزعيم الكفيل . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :

وإني زعيم إن رجعت مملكا     بسير ترى منه الغرانق أزورا

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وفومها . ما الفوم ؟ قال : الحنطة . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي .

:

قد كنت أحسبني كأغنى وافد     قدم المدينة عن زراعة فوم

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : والأزلام . ما الأزلام ؟ قال : القداح . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الحطيئة :

لا يزجر الطير إن مرت به سنحا     ولا يقام له قدح بأزلام

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قوله تعالى : وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ؟ قال : أصحاب الشمال . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت زهير بن أبي سلمى حيث يقول :

نزل الشيب بالشمال قريبا     والمرورات دانيا وحقيرا

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وإذا البحار سجرت ؟ قال : اختلط ماؤها بماء الأرض . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى :

لقد عرفت ربيعة في جذام     وكعب خالها وابنا ضرار
لقد نازعتم حسبا قديما     وقد سجرت بحارهم بحارى

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : والسماء ذات الحبك . ما الحبك ؟ قال : [ ص: 282 ] الطرائق . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى :

مكلل بأصول النجم تنسجه     ريح الشمال لضاح ما به حبك

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ؟ قال : ارتفعت عظمة ربنا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد للنعمان بن المنذر :

إلى ملك يضرب الدارعين     لم ينقص الشيب منه قبالا
أيرفع جدك أني امرؤ     سقتني الأعادي سجالا سجالا

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : حتى تكون حرضا ؟ قال : الحرض : البالي . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد :

أمن ذكر ليلى إن نأت غربة بها     أعد حريضا للكرى محرما

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وأنتم سامدون ؟ قال : لاهون . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول هزيلة بنت بكر وهي تبكي عادا :

نعيت عادا لصما     وأتى سعد شريدا
قيل قم فانظر إليهم     ثم دع عنك السمودا

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : إذا اتسق . ما اتساقه ؟ قال : إذا اجتمع قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي صرمة الأنصاري :

إن لنا قلائصا نفائقا     مستوسقات لو تجدن سائقا

.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : الأحد الصمد ، أما الأحد فقد عرفناه ، فما الصمد ؟ قال : الذي يصمد إليه في الأمور كلها . قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول الأسدية :

ألا بكر الناعي بخبر بني أسد     بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

[ ص: 283 ] قال : صدقت . فأخبرني عن قوله تعالى : يلق أثاما . ما الأثام ؟ قال : الجزاء . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول بشر بن أبي حازم الأسدي :

وإن مقامنا يدعو عليهم     بأبطح ذي المجاز له أثام

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : وهو كظيم ؟ قال : الساكت قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن خزيمة العبسي :

فإن تك كاظما بمصاب شاس     فإني اليوم منطلق اللسان

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : أو تسمع لهم ركزا . ما ركزا ؟ قال : صوتا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول خراش بن زهير : فإن سمعتم بخيل هابط شرفا     أو بطن قف فأخفوا الركز واكتتموا
.

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : إذ تحسونهم بإذنه ؟ قال : إذ تقتلونهم بإذنه . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول عتبة الليثي :

نحسهم بالبيض حتى كأنما     نفلق منهم بالجماجم حنظلا

قال : صدقت . فأخبرني عن قول الله - عز وجل - : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء . هل كان الطلاق يعرف في الجاهلية ؟ قال : نعم ، طلاقا بائنا ثلاثا ، أما سمعت قول أعشى بن قيس بن ثعلبة حين أخذه أختانه غيرة ، فقالوا : إنك قد أضررت بصاحبتنا ، وإنا نقسم بالله أن لا نضع العصا عنك أو تطلقها ، فلما رأى الجد منهم وأنهم فاعلون به شرا قال :

أجارتنا بيني فإنك طالقه     كذاك أمور الناس غاد وطارقه

فقالوا : والله لتبيتن لها الطلاق ، أو لا نضع العصا عنك ، فقال :

فبيني حصان الفرج غير دميمة     وماموقة منا كما أنت وامقه

فقالوا : والله لنبينن لها الطلاق أو لا نضع العصا عنك ، فقال :

فبيني فإن البين خير من العصا     وأن لا تزال فوق رأسك بارقه

[ ص: 284 ] فأبانها بثلاث تطليقات . رواه الطبراني ، وفيه جويبر ، وهو ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية