صفحة جزء
37 - 125 - ( باب ما جاء في عمرو بن العاص - رضي الله عنه - )

15890 عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي قال : حدثني عمرو بن العاص من فيه إلى في قال : لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق ، جمعت رجالا من قريش كانوا يرون مكاني ويسمعون مني ، فقلت لهم : تعلمون والله إني لأرى أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - يعلو الأمور علوا كبيرا منكرا ، وإني قد رأيت أمرا فما ترون فيه ؟ قالوا : وما رأيت ؟ قلت : رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده ، فإن ظهر محمد على قومنا كنا [ ص: 351 ] عند النجاشي ، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد ، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا ، فلن يأتينا منهم إلا خير . قالوا : إن هذا الرأي . قال : قلت لهم : فاجمعوا لي ما يهدى ، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم ، فجمعنا له أدما كثيرا ، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه ، فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه ، فلما دخل إليه وخرج من عنده قال : فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه ، فضربت عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد - صلى الله عليه وسلم - .

قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال : مرحبا بصديقي ، أهديت لي من بلادك شيئا ؟ قال : قلت : نعم ، أيها الملك ثم قلت : أيها الملك لقد أهديت لك أدما كثيرا ، ثم قدمته إليه ، فأعجبه واشتهاه ثم قلت : أيها الملك إني رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه فأقتله ; فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا .

قال : فغضب ، ومد يده وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه . ثم قلت : أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألته . قال : تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله ؟ قال : قلت : أيها الملك ، أكذاك هو ؟ قال : ويحك يا عمرو ! أطعني واتبعه; فإنه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده . قال : فتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم ، فبسط يده ، وبايعه على الإسلام . ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كنت عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي ، ثم خرجت عامدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقيت خالد بن الوليد وكان قبيل الفتح وهو مقبل من مكة ، فقلت : يا أبا سليمان قال : والله لقد استقام الميسم ، وإن الرجل نبي ، اذهب فأسلم ، فحتى متى ؟ قال : قلت : والله ما جئت إلا لأسلم قال : فقدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ، ثم دنوت فقلت : يا رسول الله ، إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
يا عمرو ، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها " . قال : فبايعته ثم انصرفت
.

قال ابن إسحاق : وقد حدثني من لا أتهم : أن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة كان معهما أسلم حين أسلما . رواه أحمد ، والطبراني إلا أنه قال : حدثني عمرو بن العاص من فيه إلى أذني ، ورجالهما ثقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية