صفحة جزء
16061 - وعن الزارع : أنه وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج معه بأخيه لأمه - يقال له : مطر بن هلال بن عنزة - وخرج بابن أخ له مجنون ، ومعهم الأشج - وكان اسمه المنذر بن عائذ - فقال المنذر : يا زارع ، خرجت معنا برجل مجنون وفتى شاب ، ليس [ ص: 389 ] منا وافدين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال الزارع : أما المصاب ؛ فآتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو له عسى أن يعافيه الله ، وأما الفتى العنزي ؛ فإنه أخي لأمي وأرجو أن يدعو له النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعوة ، تصيبه دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - .

فما عدا أن قدمنا المدينة قلنا : هذاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تمالكنا أن وثبنا عن رواحلنا ، فانطلقنا إليه سراعا ، فأخذنا يديه ورجليه نقبلهما ، وأناخ المنذر راحلته فعقلها ، وذاك بعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عمد إلى رواحلنا فأناخها راحلة راحلة ، فعقلها كلها ، ثم عمد إلى عيبته ففتحها فوضع عنها ثياب السفر ، ثم أتى يمشي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا أشج ، إن فيك لخلقين يحبهما الله ورسوله " . قال : وما هما بأبي وأمي ؟ قال : " الحلم ، والأناة " . قال : فأنا تخلقت بهما أم الله جبلني عليهما ؟ قال : " بل الله جبلك عليهما " . قال : الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله : الحلم ، والأناة .

قال الزارع : يا نبي الله ، بأبي وأمي جئت بابن أخ لي مصاب ؛ لتدعو الله له وهو في الركاب قال : " فأت به " . قال : فأتيته وقد رأيت الذي صنع الأشج ، فأخذت عيبتي فأخرجت منها ثوبين حسنين ، وألقيت عنه ثياب السفر وألبستهما إياه ، ثم أخذت بيده فجئت به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر نظر المجنون ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اجعل ظهره من قبلي " . فأقمته فجعلت ظهره من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجهه من قبلي ، فأخذه ، ثم جره بمجامع ردائه فرفع يده حتى رأيت بياض إبطيه ، ثم ضرب بثوبه ظهره ، وقال : " اخرج يا عدو الله " . فالتفت وهو ينظر نظر الصحيح ، ثم أقعده بين يديه فدعا له ومسح وجهه . قال : فلم تزل تلك المسحة في وجهه وهو شيخ كبير ، كأن وجهه وجه عذراء شبابا ، وما كان في القوم رجل يفضل عليه بعد دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ثم دعا لنا عبد القيس ، فقال : " خير أهل المشرق ، رحم الله عبد القيس إذ أسلموا غير خزايا إذ أبى بعض الناس أن يسلموا " . قال : ثم لم يزل يدعو لنا حتى زالت الشمس .

قال الزارع : يا رسول الله ، إن معنا ابن أخت لنا ليس منا قال : " ابن أخت القوم منهم " . فانصرفنا راجعين ، فقال الأشج : إنك كنت يا زارع أمثل مني رأيا فيهما ، وكان في القوم جهم بن قثم ، كان قد شرب قبل ذلك بالبحرين مع ابن عم له ، فقام إليه ابن عمه فضرب ساقه بالسيف ، فكانت تلك الضربة في ساقه ، فقال بعض [ ص: 390 ] القوم : يا رسول الله ، بأبي وأمي إن أرضنا ثقيلة وخمة ، وإنا نشرب من هذا الشراب على طعامنا ، فقال : لعل أحدكم أن يشرب الإناء ثم يزداد إليها أخرى حتى يأخذ منه الشراب فيقوم إلى ابن عمه فيضرب ساقه بالسيف " . فجعل يغطي جهم بن قثم ساقه .

قال : فنهاهم عن الدباء ، والنقير ، والحنتم
.

قلت : عند أبي داود طرف منه .

رواه البزار ، وفيه أم أبان بنت الزارع روى لها أبو داود . وسكت على حديثها ، فهو حسن ، وبقية رجاله ثقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية