صفحة جزء
18259 وعن ابن عباس : سمع عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد جالسا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أخرجك في هذه الساعة ؟ ! " . قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أخرجني يا رسول الله الذي أخرجك ، ثم إن عمر جاء فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا ابن الخطاب ، ما أخرجك هذه الساعة ؟ ! " . قال : أخرجني يا رسول الله ، الذي أخرجكما . فقعد معهما ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثهما ، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل بكما من قوة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان من طعام وشراب ؟ " . فقلنا : نعم يا رسول الله ، فانطلقنا حتى أتينا منزل مالك بن التيهان : أبي الهيثم الأنصاري ، فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أيدينا ، فاستأذن عليهم ، وأم أبي الهيثم تسمع السلام ، تريد أن يزيدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السلام . فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينصرف خرجت أم أبي الهيثم تسعى فقالت : يا رسول الله ، قد سمعت سلامك ، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك . فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين أبو الهيثم ؟ " . قالت : قريب ذهب يا رسول الله ، يستعذب لنا من الماء ، ادخلوا الساعة يأتي ، فبسطت لهم بساطا تحت شجرة ، حتى جاء أبو الهيثم مع حماره ، [ ص: 317 ] وعليه قربتان من ماء ، ففرح بهم أبو الهيثم ، وقرب يحييهم ، فصعد أبو الهيثم على نخلة فصرم أغداقا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حسبك يا أبا الهيثم " . قال : يا رسول الله ، تأكلون من بسره ، ومن رطبه ، وتذنوبه ، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " . ثم قام أبو الهيثم إلى شاة ليذبحها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك واللبون " . ثم قام أبو الهيثم فعجن لهم . ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمر رءوسهم فناموا ، فاستيقظوا وقد أدرك طعامهم ، فوضعه بين أيديهم ; فأكلوا وشبعوا . وأتاهم أبو الهيثم ببقية الأعذاق ، فأصابوا منه ، وسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا لهم بخير ، ثم قال لأبي الهيثم : " إذا بلغك أنه قد أتانا رقيق فائتنا " .

قال أبو الهيثم : فلما بلغني أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقيق أتيت المدينة ، فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسا ، فكاتبته على أربعين ألف درهم ، فما رأيت رأسا كان أعظم بركة منه
.

التالي السابق


الخدمات العلمية