صفحة جزء
459 وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر ، فلما هبط من ثنية عسفان ، أمر أصحابه أن يستسندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم ، فذهب فنزل على قبر أمه ، فناجى ربه طويلا ، ثم إنه بكى فاشتد بكاؤه وبكى هؤلاء لبكائه ، وقالوا : ما بكى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا المكان إلا وقد حدث في أمته شيء لا يطيقه ، فلما بكى هؤلاء ، قام فرجع إليهم فقال : " ما يبكيكم ؟ " قالوا : يا نبي الله ، بكينا لبكائك ، قلنا : لعله حدث في أمتك شيء لا تطيقه ، قال : " لا ، وقد كان بعضه ، ولكن نزلت على قبر ، فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعته يوم القيامة ، فأبى الله أن يأذن لي ، فرحمتها وهي أمي فبكيت ، ثم جاءني جبريل عليه السلام فقال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " ، فتبرأ من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه ، فرحمتها وهي أمي ، فدعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين ، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين : دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء ، والغرق من الأرض ، وأن لا يلبسهم شيعا ، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض ، فرفع عنهم الرجم من السماء ، والغرق من الأرض ، وأبى الله أن ترفع عنهم اثنتان : القتل والهرج " . وإنما عدل إلى قبر أمه ; لأنها مدفونة تحت كذا وكذا ، وكان عسفان لهم .

رواه الطبراني في الكبير ، وفيه أبو الدرداء وعبد الغفار بن المنيب عن إسحاق بن عبد الله ، عن أبيه ، عن عكرمة ، ومن عدا عكرمة لم أعرفهم ، ولم أر من ذكرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية