صفحة جزء
6699 وعن كعب بن مالك - وكان أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم - قال : كان معاذ بن جبل ادان بدين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحاط ذلك بماله ، وكان معاذ من صلحاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال معاذ : يا رسول الله ، ما جعلت في نفسي حين أسلمت أن أبخل بمال ملكته ، وإني أنفقت مالي في أمر الإسلام ، فأبقى ذلك علي دينا عظيما ، فادعو غرمائي فاسترفقهم ، فإن أرفقوني فسبيل ذلك ، وإن أبوا فاجعلني لهم من مالي . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرماءه ، فعرض عليهم أن يرفقوا به فقالوا : نحن نحب أموالنا . فدفع إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مال معاذ كله . ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا على بعض اليمن ليجبره ، فأصاب معاذ من اليمن من مرافق الإمارة مالا فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ باليمن . فارتد بعض أهل اليمن ، فقاتلهم معاذ وأمراء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم على اليمن حتى دخلوا في الإسلام ، ثم قدم في خلافة أبي بكر الصديق بمال عظيم ، فأتاه عمر بن الخطاب فقال : إنك قد قدمت بمال عظيم ، فإني أرى أن تأتي أبا بكر فتستحله منه ، فإن أحله لك طاب لك وإلا دفعته إليه ، فقال معاذ : لقد علمت يا عمر ما بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ليجبرني في حين دفع مالي إلى غرمائي وما كنت لأدفع لأبي بكر شيئا مما جئت به إلا إن سألنيه ، فإن سألنيه دفعته إليه ، وإن لم يأخذ أمسكته . فقال له عمر : إني لم أر لك ولنفسي إلا خيرا . ثم قام عمر فانصرف ، فلما ولى عمر دعاه معاذ ، فقال : إني مطيعك ، ولولا رؤيا رأيتها لم أطعك ؛ إني أراني في نومي غرقت في جوبة ، فأراك أخذت بيدي ، فأنجيتني منها ، فانطلق بنا إلى أبي بكر ، فانطلقا حتى دخلا عليه ، فذكر له معاذ كنحو مما كلم به عمر فيما كان من غرمائه ، وما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبره ، ثم أعلمه بما جاء به من [ ص: 144 ] المال حتى قال : وسوطي هذا مما جئت به فما رأيت مخذوما رأيت فأطبه ؟ فقال له أبو بكر : هو لك كله يا معاذ ، فالتفت عمر إلى معاذ ، فقال : يا معاذ ، هذا حين طاب ، فكان معاذ من أكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مالا ، وكان معاذ أول رجل أصاب مالا من مرافق الإمارة .

قال ابن شهاب : فمضت السنة في معاذ بأن خلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ماله ، ولم يأمر ببيعه ، وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة .

رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه ابن لهيعة ، وفيه كلام ، وحديثه حسن ، وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أن ابن شهاب قال : عن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه . ولم يسمه . وفي الصحيح غير حديث كذلك ، ولا يعلم في أولاد كعب ضعيف ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية