صفحة جزء
[ ص: 204 ] فروع : أحدها : قول الصحابي : كنا نقول أو نفعل كذا . إن لم يضفه إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو موقوف ، وإن أضافه فالصحيح أنه مرفوع .

وقال الإمام الإسماعيلي : موقوف . والصواب الأول .

وكذا قوله : كنا لا نرى بأسا بكذا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو وهو فينا ، أو بين أظهرنا أو كانوا يقولون ، أو يفعلون ، أو لا يرون بأسا بكذا في حياته - صلى الله عليه وسلم - فكله مرفوع ، ومن المرفوع قول المغيرة : كان أصحاب رسول الله يقرعون بابه بالأظافير .


[ ص: 204 ] فروع

ذكرها ابن الصلاح بعد النوع الثامن ، وذكرها هنا أليق . ( أحدها : قول الصحابي كنا نقول ) كذا ، ( أو نفعل كذا ) ، أو نرى كذا ، ( إن لم يضفه إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو موقوف ) .

كذا قال ابن الصلاح تبعا للخطيب ، وحكاه المصنف في شرح مسلم ، عن الجمهور من المحدثين ، وأصحاب الفقه ، والأصول ، وأطلق الحاكم والرازي والآمدي أنه مرفوع .

وقال ابن الصباغ : إنه الظاهر ، ومثله بقول عائشة - رضي الله عنها - ( كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه ) .

[ ص: 205 ] وحكاه المصنف في شرح المهذب ، عن كثير من الفقهاء ، قال : وهو قوي من حيث المعنى ، وصححه العراقي وشيخ الإسلام .

ومن أمثلته : ما رواه البخاري ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا .

( وإن أضافه فالصحيح ) الذي قطع به الجمهور من أهل الحديث والأصول ( أنه مرفوع )

قال ابن الصلاح : لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك ، وقررهم عليه ، لتوفر دواعيهم على سؤالهم عن أمور دينهم ، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة .

ومن أمثلة ذلك ، قول جابر : " كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أخرجه الشيخان .

وقوله : " كنا نأكل لحوم الخيل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - " ، رواه النسائي وابن ماجه .

( وقال الإمام ) أبو بكر ( الإسماعيلي ) إنه ( موقوف ) ( ق 61 \ أ ) ، وهو بعيد جدا . ( والصواب الأول ) .

[ ص: 206 ] قال المصنف في شرح مسلم : وقال آخرون : إن كان ذلك الفعل مما لا يخفى غالبا كان مرفوعا ، وإلا كان موقوفا ، وبهذا قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي .

فإن كان في القصة تصريح باطلاعه - صلى الله عليه وسلم - فمرفوع إجماعا ، كقول ابن عمر : كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي : أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، ويسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره ، رواه الطبراني في الكبير ، والحديث في الصحيح بدون التصريح المذكور .

( وكذا قوله ) أي في الصحابي ( كنا لا نرى بأسا بكذا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو وهو فينا ، أو ) وهو ( بين أظهرنا ، أو كانوا يقولون ، أو يفعلون ، أو لا يرون بأسا بكذا في حياته - صلى الله عليه وسلم - فكله مرفوع ) ، مخرج في كتب المسانيد .

( ومن المرفوع : قول المغيرة بن شعبة كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرعون بابه بالأظافير ) .

قال ابن الصلاح بل هو أحرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم .

قال : وقال الحاكم : هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا لذكر [ ص: 207 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ، وليس بمسند بل هو موقوف ، ووافقه الخطيب ، وليس كذلك .

قال : وقد كنا أخذناه عليه ، ثم تأولناه على أنه ليس بمسند لفظا ، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى قال : وكذا سائر ما سبق موقوف لفظا ، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى . انتهى .

والحديث المذكور أخرجه البخاري في الأدب من حديث أنس ، وعن شيخ الإسلام ، تعب الناس في التفتيش عليه من حديث المغيرة فلم يظفروا به .

قلت : قد ظفرت به بلا تعب ولله الحمد .

فأخرجه البيهقي في " المدخل " ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ( ق 62 \ أ ) في علوم الحديث ، وحدثني الزبير بن عبد الواحد ، حدثنا محمد بن أحمد الزيبقي ، ثنا زكريا بن يحيى المنقري ، ثنا الأصمعي ، ثنا كيسان مولى هشام بن حسان ، عن محمد بن حسان ، عن محمد ابن سيرين ، عن المغيرة بن شعبة فذكره ، ثم أشار بعده إلى حديث أنس .

ومن المرفوع أيضا اتفاقا ، الأحاديث التي فيها ذكر صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك .

أما قول التابعي ما تقدم ، فليس بمرفوع قطعا ، ثم إن لم يضفه إلى زمن الصحابة ، فمقطوع لا موقوف ، وإن أضافه فاحتمالان للعراقي ، وجه المنع أن تقرير الصحابي قد لا ينسب إليه ، بخلاف تقرير النبي صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 208 ] ولو قال : كانوا يفعلون ، فقال المصنف في شرح مسلم : لا يدل على فعل جميع الأمة ، بل البعض فلا حجة فيه إلا أن يصرح بنقله ، عن أهل الإجماع فيكون نقلا له ، وفي ثبوته بخبر الواحد خلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية