صفحة جزء
[ ص: 213 ] الثالث : إذا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي . يرفعه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية كحديث الأعرج عن أبي هريرة رواية " تقاتلون قوما صغار الأعين " ، فكل هذا وشبهه مرفوع عند أهل العلم . وإذا قيل عند التابعي ، يرفعه ، فمرفوع مرسل

وأما قول من قال : تفسير الصحابي مرفوع فذاك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية أو نحوه ، وغيره موقوف .


( الثالث : إذا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي : يرفعه ) ، أو رفع الحديث ، ( أو ينميه أو يبلغ به ) ، كقول ابن عباس : " الشفاء في ثلاثة : شربة عسل وشرطة [ ص: 214 ] محجم وكية نار " . رفع الحديث ، رواه البخاري .

وروى مالك في الموطأ ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة .

قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك .

وكحديث الأعرج ، عن أبي هريرة يبلغ به : " الناس تبع قريش " . أخرجاه .

( أو رواية كحديث الأعرج ، عن أبي هريرة رواية : " تقاتلون قوما صغار الأعين " ) ( ق 64 \ أ ) أخرجه الشيخان .

( فكل هذا ، وشبهه ) قال شيخ الإسلام : كيرويه ، ورواه بلفظ الماضي ، ( مرفوع عند أهل العلم .

وإذا قيل عند التابعي : يرفعه ) ، أو سائر الألفاظ المذكورة ، ( فمرفوع مرسل ) .

قال شيخ الإسلام : ولم يذكروا ما حكم ذلك ، لو قيل : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 215 ] قال : وقد ظفرت لذلك بمثال في مسند البزار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرويه ، أي عن ربه - عز وجل - فهو حينئذ من الأحاديث القدسية .

تكملة

ومن ذلك الاقتصاد على القول مع حذف القائل : كقول ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال أسلم وغفار وشيء من مزينة ، الحديث .

قال الخطيب : إلا أن ذلك اصطلاح خاص بأهل البصرة .

لكن روي عن ابن سيرين أنه قال : كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع .

فائدة

أخرج القاضي أبو بكر المروزي في كتاب " العلم " ، قال : حدثنا القواريري ، ثنا بشر بن منصور ، ثنا ابن أبي رواد ، قال : بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يكره أن يقول في الحديث رواية ، يقول : إنما الرواية الشعر .

وبه إلى ابن أبي رواد ، قال : كان نافع ينهاني أن أقول رواية ، قال : فربما نسيت ، فقلت : رواية فينظر إلي فأقول نسيت .

وأما قول من قال : تفسير الصحابي مرفوع ) ، وهو الحاكم ، قال في " المستدرك " : ليعلم طالب الحديث أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند . [ ص: 216 ] ( فذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية ) ، كقول جابر : " كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها ، جاء الولد أحول ، فأنزل الله تعالى : نساؤكم حرث لكم . الآية " . رواه مسلم .

( أو نحوه ) مما لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مدخل للرأي فيه ، ( وغيره موقوف ) .

قلت : وكذا يقال في التابعي ، إلا أن المرفوع ( ق 64 \ ب ) من جهته مرسل .

فوائد

الأولى : ما خصص به المصنف ، كابن الصلاح ، ومن تبعهما قول الحاكم ، قد صرح به الحاكم في علوم الحديث ، فإنه قال : ومن الموقوفات ما حدثناه أحمد بن كامل بسنده ، عن أبي هريرة في قوله تعالى : لواحة للبشر ، قال : تلقاهم جهنم يوم القيامة ، فتلفحهم لفحة ، فلا تترك لحما على عظم .

قال فهذا وأشباهه يعد في تفسير الصحابة من الموقوفات ، فأما ما نقول : إن تفسير الصحابة مسند ، فإنما نقوله في غير هذا النوع ، ثم أورد حديث جابر في قصة اليهود .

وقال فهذا وأشباهه مسند ليس بموقوف ، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ، فأخبر ، عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا ، فإنه حديث مسند . انتهى .

[ ص: 217 ] فالحاكم أطلق في " المستدرك " ، وخصص في علوم الحديث ، فاعتمد الناس تخصيصه ، وأظن أن ما حمله في " المستدرك " على التعميم ، الحرص على جمع الصحيح ، حتى أورد ما ليس من شرط المرفوع ، وإلا ففيه من الضرب الأول الجم الغفير ، على أني أقول : ليس ما ذكره ، عن أبي هريرة من الموقوف ، لما تقدم من أن ما يتعلق بذكر الآخرة ، وما لا مدخل للرأي فيه من قبيل المرفوع .

الثانية : ما ذكروه من أن سبب النزول مرفوع ، قال شيخ الإسلام : يعكر على إطلاقه ما إذا استنبط الراوي السبب ، كما في حديث زيد بن ثابت : " أن الوسطى الظهر " ، نقلته من خطه .

الثالثة : قد اعتنيت بما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التفسير ، وعن أصحابه ، فجمعت في ذلك كتابا حافلا فيه أكثر من عشرة آلاف حديث .

الرابعة : قد تقرر أن السنة قول ، وفعل ، وتقرير ، وقسمها شيخ الإسلام إلى صريح وحكم .

فمثال المرفوع قولا صريحا : قول الصحابي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدثنا وسمعت ( ق 65 \ أ ) .

وحكما : قوله ما لا مدخل للرأي فيه .

[ ص: 218 ] فالمرفوع من الفعل صريحا قوله : فعل أو رأيته يفعل .

قال شيخنا الإمام الشمني : ولا يتأتى فعل مرفوع حكما .

ومثله شيخ الإسلام بما تقدم عن علي في صلاة الكسوف .

قال شيخنا : ولا يلزم من كونه عنده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عنده من فعله ، لجواز أن يكون عنده من قوله ، والتقرير صريحا : قول الصحابي : فعلت أو فعل بحضرته - صلى الله عليه وسلم - ، وحكما حديث المغيرة السابق .

التالي السابق


الخدمات العلمية