صفحة جزء
[ ص: 219 ] النوع التاسع : المرسل : اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وفعله يسمى مرسلا ، فإن انقطع قبل التابعي واحد أو أكثر قال الحاكم وغيره من المحدثين : لا يسمى مرسلا بل يختص المرسل بالتابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن سقط قبله واحد فهو منقطع ، وإن كان أكثر فمعضل ومنقطع ، والمشهور في الفقه والأصول ، أن الكل مرسل وبه قطع الخطيب . وهذا اختلاف في الاصطلاح والعبارة ، وأما قول الزهري وغيره من صغار التابعين : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمشهور عند من خصه بالتابعي أنه مرسل كالكبير . وقيل : ليس بمرسل بل منقطع

وإذا قال : فلان ، عن رجل ، عن فلان . فقال الحاكم : منقطع ليس مرسلا ، وقال غيره مرسل .


( النوع التاسع : المرسل اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير ) ، كعبيد الله بن عدي بن الخيار ، وقيس بن أبي حازم ، وسعيد بن

المسيب
: ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا ، أو فعله ، يسمى مرسلا .

فإن انقطع قبل التابعي ) هكذا عبر ابن الصلاح تبعا للحاكم ، والصواب : قبل الصحابي ، ( واحد أو أكثر ، قال الحاكم وغيره ( ق 65 \ ب ) من المحدثين : لا يسمى مرسلا ، بل يختص المرسل بالتابعي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فإن سقط قبله ) ، تقدم ما فيه ( واحد ، فهو منقطع .

وإن كان الساقط أكثر ) من واحد على التوالي ، ( فمعضل ، ومنقطع ) أيضا .

( والمشهور في الفقه والأصول أن الكل مرسل ، وبه قطع الخطيب ) وقال : [ ص: 220 ] إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ، ما رواه التابعي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال المصنف : ( وهذا اختلاف في الاصطلاح ، والعبارة ) ، لا في المعنى ; لأن الكل لا يحتج به عند هؤلاء ولا هؤلاء ، والمحدثون خصوا اسم المرسل بالأول ، دون غيره ، والفقهاء والأصوليون عمموا .

( وأما قول الزهري وغيره من صغار التابعين : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمشهور عند من خصه بالتابعي يعني أنه مرسل كالكبير .

وقيل : ليس بمرسل بل منقطع ) ; لأن أكثر رواياتهم عن التابعين .

تنبيه

يرد على تخصيص المرسل بالتابعي من سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كافر ، ثم أسلم بعد موته ، فهو تابعي اتفاقا ، وحديثه ليس بمرسل ، بل موصول ، لا خلاف في الاحتجاج به ، كالتنوخي رسول هرقل ، وفي رواية قيصر ، فقد أخرج حديثه الإمام أحمد وأبو يعلى ، في مسنديهما ، وساقاه مساق الأحاديث المسندة .

ومن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مميز ، كمحمد بن أبي بكر الصديق ، فإنه صحابي ، وحكم روايته حكم المرسل لا الموصول ، ولا يجيء فيه ما قيل في مراسيل الصحابة ; لأن أكثر رواية هذا أو شبهه عن التابعين بخلاف الصحابي الذي أدرك وسمع ، فإن احتمال روايته عن التابعين بعيد جدا .

[ ص: 221 ] فائدة

قال العراقي : قال ابن القطان إن الإرسال رواية الرجل عمن لم يسمع منه قال : فعلى هذا هو قول رابع في حد المرسل .

( وإذا قال ) الراوي في الإسناد : ( فلان ، عن رجل ) ، أو شيخ ( عن فلان فقال الحاكم ) : هو ( منقطع ليس مرسلا ، وقال غيره ) حكاه ابن الصلاح ، عن بعض كتب الأصول ( مرسل ) .

قال العراقي : وكل من القولين خلاف ما عليه الأكثرون ، فإنهم ذهبوا إلى أنه متصل في سنده مجهول ، حكاه الرشيد العطار ، واختاره العلائي .

قال : وما حكاه ابن الصلاح ، عن بعض كتب الأصول ، أراد به " البرهان " لإمام الحرمين ، فإنه ذكر ذلك فيه ، وزاد كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لم يسم حاملها ، وزاد في " المحصول " من سمي باسم لا يعرف به .

[ ص: 222 ] قال : وعلى ذلك مشى أبو داود في كتاب " المراسيل " ، فإنه يروي فيه ما أبهم فيه الرجل .

قال : بل زاد البيهقي على هذا في " سننه " ، فجعل ما رواه التابعي ، عن رجل من الصحابة لم يسم مرسلا ، وليس بجيد ، اللهم إلا إن كان يسميه مرسلا ، ويجعله حجة كمراسيل الصحابة ، فهو قريب .

وقد روى البخاري ، عن الحميدي ، قال : إذا صح الإسناد ، عن الثقات ، إلى رجل من الصحابة ، فهو حجة كمراسيل الصحابة ، وإن لم يسم ذلك الرجل .

وقال الأثرم : قلت لأحمد بن حنبل : إذا قال رجل من التابعين : حدثني رجل من الصحابة ، ولم يسمعه ، فالحديث صحيح ؟ قال : نعم .

قال : وفرق الصيرفي من الشافعية بين أن يرويه التابعي ، عن الصحابي معنعنا ، أو مصرحا بالسماع .

قال : وهو حسن متجه ، وكلام من أطلق قبوله محمول على هذا التفصيل . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية