صفحة جزء
[ ص: 222 ] ثم المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدثين والشافعي وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول . وقال مالك ، وأبو حنيفة في طائفة : صحيح ، فإن صح مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر مسندا أو مرسلا أرسله من أخذ عن غير رجال الأول كان صحيحا ، ويتبين بذلك صحة المرسل وأنهما صحيحان لو عارضهما صحيح من طريق رجحناهما عليه إذا تعذر الجمع ، هذا كله في غير مرسل الصحابي ، أما مرسله فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح . وقيل : إنه كمرسل غيره إلا أن يبين الرواية عن صحابي .


( ثم المرسل حديث ضعيف ) ، لا يحتج به ( عند جماهير المحدثين والشافعي ) ، كما حكاه عنهم مسلم في صدر صحيحه ، وابن عبد البر في " التمهيد " ، وحكاه الحاكم ، عن ابن المسيب ، ومالك ، ( وكثير من الفقهاء وأصحاب [ ص: 223 ] الأصول ) .

والنظر للجهل بحال المحذوف ; لأنه يحتمل أن يكون غير صحابي ، وإذا كان كذلك ، فيحتمل أن يكون ضعيفا ، وإن اتفق أن يكون المرسل ( ق 66 \ ب ) لا يروى إلا عن ثقة فالتوثيق مع الإبهام غير كاف كما سيأتي ; ولأنه إذا كان المجهول المسمى لا يقبل ، فالمجهول المسمى عينا وحالا أولى .

( وقال مالك ) في المشهور عنه ، ( وأبو حنيفة في طائفة ) ، منهم أحمد في المشهور عنه ( صحيح ) .

قال المصنف في " شرح المهذب " : وقيد ابن عبد البر ، وغيره ذلك بما إذا لم يكن مرسله ممن لا يحترز ويرسل عن غير الثقات ، فإن كان فلا خلاف في رده .

وقال غيره : محل قبوله عند الحنفية ، ما إذا كان مرسله من أهل القرون الثلاثة الفاضلة ، فإن كان من غيرها فلا ، لحديث : ثم يفشوا الكذب صححه النسائي .

وقال ابن جرير : وأجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ، ولم يأت عنهم إنكاره ، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين .

قال ابن عبد البر : كأنه يعني أن الشافعي أول من رده ، وبالغ بعضهم فقواه على المسند .

وقال : من أسند فقد أحالك ، ومن أرسل فقد تكفل لك .

( فإن صح مخرج المرسل بمجيئه ) ، أو نحوه ( من وجه آخر مسندا أو مرسلا [ ص: 224 ] أرسله من أخذ ) العلم ، ( ، عن غير رجال ) المرسل ( الأول كان صحيحا ) هكذا نص عليه الشافعي في الرسالة ، مقيدا له بمرسل كبار التابعين ، ومن إذا سمى من أرسل عنه سمى ثقة ، وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه ، وزاد في الاعتضاد أن يوافق قول صحابي ، أو يفتي أكثر العلماء بمقتضاه ، فإن فقد شرط مما ذكر لم يقبل مرسله .

فإن وجدت قبل ، ( ويتبين بذلك صحة المرسل ) ، ( وأنهما ) أي المرسل ، وما عضده ، ( صحيحان لو عارضهما صحيح من طريق ) واحدة ، ( رجحناهما عليه ) بتعدد الطرق ، ( إذا تعذر الجمع ) بينهما .

فوائد

الأولى : اشتهر عن الشافعي أنه لا يحتج بالمرسل ، إلا مراسيل سعيد بن المسيب .

قال المصنف في شرح المهذب ، وفي الإرشاد والإطلاق في النفي والإثبات ( ق 67 \ أ ) غلط ، بل هو يحتج بالمرسل بالشروط المذكورة ، ولا يحتج بمراسيل سعيد إلا بها أيضا .

قال : وأصل ذلك أن الشافعي قال في مختصر المزني : أخبرنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن سعيد بن المسيب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى ، عن بيع اللحم بالحيوان .

وعن ابن عباس أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر ، فجاء رجل بعناق ، فقال : أعطوني بهذه العناق .

[ ص: 225 ] فقال أبو بكر : لا يصلح هذا ، قال الشافعي : وكان القاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، يحرمون بيع اللحم بالحيوان .

قال : وبهذا نأخذ ، ولا نعلم أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالف أبا بكر الصديق ، وإرسال ابن المسيب عندنا حسن . انتهى .

فاختلف أصحابنا في معنى قوله : وإرسال ابن المسيب عندنا حسن ، على وجهين حكاهما الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في اللمع ، والخطيب البغدادي وغيرهما .

أحدهما : معناه أنه حجة عنده بخلاف غيرها من المراسيل ، قالوا : لأنها فتشت فوجدت مسندة .

والثاني أنها ليست بحجة عنده بل هي كغيرها ، قالوا وإنما رجح الشافعي بمرسله ، والترجيح بالمرسل جائز ، قال الخطيب : وهو الصواب .

والأول ليس بشيء ; لأن في مراسيله ما لم يوجد مسندا بحال من وجه يصح ، وكذا قال البيهقي .

قال : وزيادة ابن المسيب في هذا على غيره أنه أصح التابعين إرسالا فيما زعم الحفاظ .

قال المصنف : فهذان إمامان حافظان فقيهان شافعيان متضلعان من الحديث والفقه والأصول والخبرة التامة بنصوص الشافعي ومعاني كلامه .

[ ص: 226 ] قال : وأما قول القفال : مرسل ابن المسيب حجة عندنا ، فهو محمول على التفصيل المتقدم .

قال : ولا يصح تعلق من قال ( ق 67 \ ب ) : إنه حجة ، بقوله : إرساله حسن ; لأن الشافعي لم يعتمد عليه وحده ، بل لما انضم إليه من قول أبي بكر ، ومن حضره من الصحابة ، وقول أئمة التابعين الأربعة الذين ذكرهم ، وهم أربعة من فقهاء المدينة السبعة .

وقد نقل ابن الصباغ ، وغيره هذا الحكم ، عن تمام السبعة ، وهو مذهب مالك وغيره ، فهذا عاضد ثان للمرسل . انتهى .

وقال البلقيني : ذكر الماوردي في الحاوي ، أن الشافعي اختلف قوله في مراسيل سعيد ، فكان في القديم يحتج بها بانفرادها ; لأنه لا يرسل حديثا إلا يوجد مسندا ; ولأنه لا يروي إلا ما سمعه من جماعة ، أو من أكابر الصحابة ، أو عضده قولهم ، أو رآه منتشرا عند الكافة ، أو وافقه فعل أهل العصر ، وأيضا فإن مراسيله سبرت ، فكانت مأخوذة عن أبي هريرة ، لما بينهما من المواصلة ، والصهارة ، فصار إرساله كإسناده عنه ، ومذهب الشافعي في الجديد أنه كغيره .

ثم هذا الحديث الذي أورده الشافعي من مراسيل سعيد يصلح مثالا لأقسام المرسل المقبول ، فإنه عضده قول صحابي وأفتى أكثر أهل العلم بمقتضاه ، وله شاهد مرسل آخر أرسله من أخذ العلم من غير رجال الأول ، وشاهد آخر مسند ، فروى [ ص: 227 ] البيهقي في " المدخل " من طريق الشافعي ، عن مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزة قال : قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت ، فجزئت أربعة أجزاء ، كل جزء منها بعناق ، فأردت أن أبتاع منها جزءا ، فقال لي الرجل من أهل المدينة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يباع حي بميت ، فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خبرا .

قال البيهقي : فهذا حديث أرسله سعيد بن المسيب ، ورواه القاسم بن أبي بزة ، عن رجل ( ق 68 \ أ ) من أهل المدينة مرسلا ، والظاهر أنه غير سعيد ، فإنه أشهر من أن لا يعرفه القاسم بن أبي بزة المكي حتى يسأل عنه .

قال : وقد رويناه من حديث الحسن ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن الحفاظ اختلفوا في سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة ، فمنهم من أثبته ، فيكون مثالا للفصل الأول يعني ما له شاهد مسند ، ومنهم من لم يثبته فيكون أيضا مرسلا انضم إلى مرسل سعيد . انتهى .

الثانية : صور الرازي وغيره من أهل الأصول المسند العاضد ، بأن لا يكون [ ص: 228 ] منتهض الإسناد ، ليكون الاحتجاج بالمجموع ، وإلا فالاحتجاج حينئذ بالمسند فقط ، وليس بمخصوص بذلك ، كما تقدم الإشارة إليه في كلام المصنف .

الثالثة : زاد الأصوليون في الاعتضاد أن يوافقه قياس أو انتشار من غير إنكار ، أو عمل أهل العصر به ، وتقدم في كلام الماوردي ذكر الصورتين الأخيرتين ، والظاهر أنهما داخلتان في قول الشافعي : وأفتى أكثر أهل العلم بمقتضاه .

الرابعة : قال القاضي أبو بكر لا أقبل المرسل ، ولا في الأماكن التي قبلها الشافعي حسما للباب ، بل ولا مرسل الصحابي إذا احتمل سماعه من تابعي .

قال : والشافعي لا يوجب الاحتجاج به في هذه الأماكن بل يستحبه ، كما قال : أستحب قبوله ، ولا أستطيع أن أقول : الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل .

وقال غيره : فائدة ذلك أنه لو عارضه متصل قدم عليه ، ولو كان حجة مطلقا ; تعارضا ، لكن قال البيهقي : مراد الشافعي بقوله أستحب : أختار ، وكذا قال المصنف في شرح المهذب .

الخامسة : إن لم يكن في الباب دليل سوى المرسل ، فثلاثة أقوال للشافعي : ثالثها وهو الأظهر يجب الانكفاف لأجله .

السادس : تلخص في الاحتجاج بالمرسل عشرة أقوال : حجة مطلقا ، لا يحتج به مطلقا ، يحتج به ( ق 68 \ ب ) إن أرسله أهل القرون الثلاثة ، يحتج به إن لم يرو إلا عن عدل ، يحتج به إن أرسله سعيد فقط ، يحتج به إن اعتضد ، يحتج به إن لم يكن في الباب سواه ، هو أقوى من المسند ، يحتج به ندبا لا وجوبا ، يحتج به إن أرسله صحابي .

السابعة : تقدم في قول ابن جرير : إن التابعين أجمعوا على قبول المرسل ، وإن الشافعي أول من أباه ، وقد تنبه البيهقي لذلك ، فقال في " المدخل " : باب ما يستدل به على ضعف المراسيل بعد تغير الناس وظهور الكذب والبدع ، وأورد فيه ما أخرجه [ ص: 229 ] مسلم ، عن ابن سيرين ، قال : لقد أتى على الناس زمان وما يسأل عن إسناد حديث ، فلما وقعت الفتنة سئل عن إسناد الحديث ، فينظر من كان من أهل السنة يؤخذ من حديثه ، ومن كان من أهل البدع ترك حديثه .

الثامنة : قال الحاكم في علوم الحديث : أكثر ما تروى المراسيل من أهل المدينة ، عن ابن المسيب ، ومن أهل مكة ، عن عطاء بن أبي رباح ، ومن أهل البصرة ، عن الحسن البصري ، ومن أهل الكوفة ، عن إبراهيم بن يزيد النخعي ، ومن أهل مصر ، عن سعيد بن أبي هلال ، ومن أهل الشام ، عن مكحول .

قال : وأصحها كما قال ابن معين ، مراسيل ابن المسيب ; لأنه من أولاد الصحابة وأدرك العشرة ، وفقيه أهل الحجاز ، ومفتيهم ، وأول الفقهاء السبعة الذين يعتد مالك بإجماعهم ، كإجماع كافة الناس ، وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة ، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره .

قال : والدليل على عدم الاحتجاج بالمرسل غير المسموع من الكتاب ، قوله تعالى : ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ، ومن السنة حديث : تسمعون ويسمع منكم ، ويسمع ممن يسمع منكم .

التاسعة : تكلم الحاكم على مراسيل سعيد فقط ، دون سائر من ذكر معه ، ونحن نذكر ذلك : فمراسيل عطاء ، ( ق 69 \ أ ) ، قال ابن المديني : كان عطاء يأخذ عن كل ضرب ، مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلاته بكثير .

[ ص: 230 ] وقال أحمد بن حنبل : مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات ، ومرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها ، وليس في المرسلات أضعف من مرسلات الحسن ، وعطاء بن أبي رباح ، فإنهما كانا يأخذان ، عن كل واحد ، ومراسيل الحسن تقدم القول فيها عن أحمد .

وقال ابن المديني : مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح ، ما أقل ما يسقط منها .

وقال أبو زرعة : كل شيء قال الحسن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدت له أصلا ثابتا ، ما خلا أربعة أحاديث .

وقال يحيى بن سعيد القطان : ما قال الحسن في حديثه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وجدنا له أصلا إلا حديثا أو حديثين .

قال شيخ الإسلام : ولعله أراد ما جزم به الحسن .

وقال غيره : قال رجل للحسن يا أبا سعيد إنك تحدثنا فتقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو كنت تسنده لنا إلى من حدثك ؟ فقال الحسن : أيها الرجل ما كذبنا ولا كذبنا ، ولقد غزونا غزوة إلى خراسان ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 231 ] وقال يونس بن عبيد : سألت الحسن قلت : يا أبا سعيد إنك تقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنك لم تدركه ؟ فقال يا ابن أخي : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى ؟ وكان في زمن الحجاج ، كل شيء سمعتني أقوله : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عن علي بن أبي طالب غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا .

وقال محمد بن سعيد : وكان ما أسند من حديثه أو روى عمن سمع منه ، فهو حسن حجة ، وما أرسل من الحديث فليس بحجة .

وقال العراقي : مراسيل ( ق 69 \ ب ) الحسن عندهم شبه الريح .

وأما مراسيل النخعي ، فقال ابن معين : مراسيل إبراهيم أحب إلي من مراسيل الشعبي .

وعنه أيضا : أعجب إلي من مرسلات سالم بن عبد الله ، والقاسم ، وسعيد بن المسيب .

وقال أحمد : لا بأس بها .

وقال الأعمش : قلت لإبراهيم النخعي : أسند لي ، عن ابن مسعود ، فقال : إذا حدثتكم ، عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت ، وإذا قلت : قال عبد الله : فهو عن غير واحد من عبد الله .

[ ص: 232 ] العاشرة : في مراسيل أخر ذكرها الترمذي في جامعه ، وابن أبي حاتم وغيرهما .

مراسيل الزهري : قال ابن معين ، ويحيى بن سعيد القطان : ليس بشيء ، وكذا قال الشافعي : قال : لأنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم .

وروى البيهقي ، عن يحيى بن سعيد ، قال : مرسل الزهري شر من مرسل غيره ; لأنه حافظ ، وكلما قدر أن يسمي سمى ، وإنما يترك من لا يحب أن يسميه .

وكان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال قتادة شيئا ، ويقول : هو بمنزلة الريح .

وقال يحيى بن سعيد : مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء ، قيل : فمرسلات مجاهد أحب إليك ، أو مرسلات طاوس ؟ قال : ما أقربهما .

وقال أيضا : مالك ، عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان ، عن إبراهيم ، وكل ضعيف .

وقال أيضا : سفيان ، عن إبراهيم شبه لا شيء ; لأنه لو كان فيه إسناد صلح .

وقال : مرسلات أبي إسحاق الهمداني ، والأعمش ، والتيمي ، ويحيى بن أبي كثير شبه لا شيء ، ومرسلات إسماعيل بن أبي خالد ليس بشيء ، ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي ، ومرسلات معاوية بن قرة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم ، [ ص: 233 ] ومرسلات ابن عيينة شبه الريح ، وسفيان بن سعيد ، ومرسلات مالك بن أنس أحب إلي ، ( ق 70 \ أ ) ، وليس في القوم أصح حديثا منه .

الحادية عشرة : وقع في " صحيح مسلم " أحاديث مرسلة ، فانتقدت عليه ، وفيها ما وقع الإرسال في بعضه ، فأما هذا النوع فعذره فيه أنه يورده محتجا بالمسند منه لا بالمرسل ، ولم يقتصر عليه للخلاف في تقطيع الحديث ، على أن المرسل منه قد تبين اتصاله من وجه آخر ، كقوله في كتاب البيوع : حدثني محمد بن رافع ، ثنا حجين ثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى ، عن المزابنة . الحديث .

قال : وأخبرني سالم بن عبد الله ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تبتاعوا التمر حتى يبدو صلاحه ، ولا تبتاعوا التمر بالتمر ، وقال سالم : أخبرني عبد الله ، عن زيد بن ثابت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه رخص في العرية . الحديث .

وحديث سعيد وصله من حديث سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، ومن حديث سعيد بن مينا ، وأبي الزبير ، عن جابر .

وأخرجه هو والبخاري من حديث عطاء ، عن جابر .

وحديث سالم وصله من حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، وأخرج في الأضاحي حديث مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الله بن أبي واقد : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث .

[ ص: 234 ] قال عبد الله بن أبي بكر : فذكرت ذلك لعمرة فقالت : صدق ، سمعت عائشة تقول الحديث .

فالأول مرسل والآخر مسند ، وبه احتج .

وقد وصل الأول من حديث ابن عمر .

وفيه من هذا النمط نحو عشرة أحاديث ، والحكمة في إيراد ما أورده مرسلا بعد إيراده متصلا إفادة الاختلاف الواقع فيه .

ومما أورده مرسلا ، ولم يصله في موضع آخر حديث أبي العلاء بن الشخير : كان حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينسخ بعضه بعضا ، الحديث لم يرو موصولا ( ق 70 \ ب ) عن الصحابة من وجه يصح .

الثانية عشرة : صنف في المراسيل أبو داود ، ثم أبو حاتم ، ثم الحافظ أبو سعيد العلائي من المتأخرين .

( هذا كله في غير مرسل الصحابي ، أما مرسله ) ، كإخباره ، عن شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو نحوه مما يعلم أنه لم يحضر لصغر سنه أو تأخر إسلامه ، ( فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح ) الذي قطع به الجمهور من أصحابنا وغيرهم ، وأطبق عليه المحدثون المشترطون للصحيح القائلون بضعف المرسل ، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى ; لأن أكثر رواياتهم ، عن الصحابة ، وكلهم عدول ، ورواياتهم عن غيرهم نادرة ، وإذا رووها بينوها ، بل أكثر ما رواه الصحابة ، عن التابعين [ ص: 235 ] ليس أحاديث مرفوعة ، بل إسرائيليات ، أو حكايات ، أو موقوفات .

( وقيل : إنه كمرسل غيره ) لا يحتج به ، ( إلا أن يبين الرواية ، عن صحابي ) ، زاده المصنف على ابن الصلاح ، وحكاه في شرح المهذب ، عن أبي إسحاق الإسفراييني ، وقال : الصواب الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية