صفحة جزء
[ ص: 250 ] الثالث : التعليق الذي يذكره الحميدي وغيره في أحاديث من كتاب البخاري ، وسبقهم باستعماله الدارقطني ، صورته أن يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر ، وكأنه مأخوذ من تعليق الجدار أو الطلاق لقطع الاتصال ، واستعمله بعضهم في حذف كل الإسناد كقوله : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال ابن عباس أو عطاء أو غيره كذا ، وهذا التعليق له حكم الصحيح كما تقدم في نوع الصحيح ، ولم يستعملوا التعليق في غير صيغة الجزم كيروى عن فلان كذا ، أو يقال عنه ، ويذكر ، ويحكى ، وشبهها بل خصوا به صيغة الجزم ، كقال ، وفعل ، وأمر ، ونهى ، وذكر ، وحكى ، ولم يستعملوه فيما سقط وسط إسناده .


( الثالث : التعليق الذي يذكره الحميدي ، وغيره ) من المغاربة ( في أحاديث من كتاب البخاري ، وسبقهم باستعماله الدارقطني ، صورته أن يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر ) على التوالي بصيغة الجزم ، ويعزى الحديث إلى من فوق المحذوف من رواته ، وبينه وبين المعضل عموم وخصوص من وجه ، فيجامعه في حذف اثنين فصاعدا ، ويفارقه في حذف واحد ، وفي اختصاصه بأول السند .

( وكأنه مأخوذ من تعليق الجدار أو الطلاق لقطع الاتصال ) فيهما .

( واستعمله بعضهم في حذف كل الإسناد ، كقوله : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو [ ص: 251 ] قال ابن عباس ، أو عطاء ، أو غيره كذا ) ، وإن لم يذكره أصحاب الأطراف لأن موضوع كتبهم بيان ما في الأسانيد من اختلاف أو غيره .

( وهذا التعليق له حكم الصحيح ) إذا وقع في كتاب التزمت صحته ، ( كما تقدم في ) المسألة الرابعة من ( نوع الصحيح .

ولم يستعملوا التعليق في غير صيغة الجزم ، كيروى عن فلان كذا ، أو يقال عنه ، ويذكر ويحكى وشبهها ، بل خصوا به صيغة الجزم ، كقال وفعل ، وأمر ، ونهى ، وذكر ، وحكى ) ، كذا قال ابن الصلاح .

قال العراقي : وقد استعمله غير واحد من المتأخرين في غير المجزوم به ، منهم الحافظ أبو الحجاج المزي حيث أورد في الأطراف ما في البخاري من ذلك معلما عليه علامة التعليق .

بل المصنف نفسه أورد في الرياض حديث عائشة : " أمرنا أن ننزل الناس منازلهم " ، وقال ذكره مسلم في صحيحه تعليقا ، فقال : وذكر عن عائشة .

( ولم يستعملوه فيما سقط وسط إسناده ) ; لأن له اسما يخصه من الانقطاع ، [ ص: 252 ] والإرسال ، والإعضال .

أما ما عزاه البخاري لبعض شيوخه بصيغة : قال فلان ، وزاد فلان ، ونحو فلان ، ونحو ذلك ، فليس حكمه حكم التعليق ، عن شيوخ شيوخه ومن فوقهم ( ق 75 \ ب ) ، بل حكمه حكم العنعنة من الاتصال بشرط اللقاء والسلامة من التدليس ، كذا جزم به ابن الصلاح .

قال : وبلغني عن بعض المتأخرين من المغاربة أنه جعله قسما من التعليق ثانيا ، وأضاف إليه قول البخاري ، وقال لي فلان ، وزادنا فلان ، فوسم كل ذلك بالتعلق .

قال العراقي : وما جزم به ابن الصلاح هاهنا هو الصواب ، وقد خالف ذلك في نوع الصحيح ، فجعل من أمثلة التعليق قول البخاري : قال عفان كذا ، وقال القعنبي كذا ، وهما من شيوخ البخاري ; والذي عليه عمل غير واحد من المتأخرين ، كابن دقيق العيد والمزي أن لذلك حكم العنعنة .

قال ابن الصلاح هنا : وقد قال أبو جعفر بن حمدان النيسابوري ، وهو أعرف بالبخاري : كل ما قال البخاري : قال لي فلان ، أو قال لنا ، فهو عرض ومناولة .

[ ص: 253 ] وقال غيره : المعتمد في ذلك ما حققه الخطيب من أن قال ليست كعن ، فإن الاصطلاح فيها مختلف ، فبعضهم يستعملها في السماع دائما كحجاج بن موسى المصيصي الأعور ، وبعضهم بالعكس لا يستعملها إلا فيما لم يسمعه دائما ، وبعضهم تارة كذا ، وتارة كذا كالبخاري ، فلا يحكم عليها بحكم مطرد .

ومثل قال " ذكر " استعملها أبو قرة في سننه في السماع ، لم يذكر سواها فيما سمعه من شيوخه في جميع الكتاب .

تنبيه

فرق ابن الصلاح والمصنف أحكام المعلق فذكرا بعضه هنا ، وهو حقيقته ، وبعضه في نوع الصحيح ، وهو حكمه ، وأحسن من صنيعهما صنيع العراقي حيث جمعهما في مكان واحد في نوع الصحيح ، وأحسن من ذلك صنيع ابن جماعة حيث أفرده بنوع مستقل هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية