صفحة جزء
[ ص: 435 ] الثالث : قال الحاكم : الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ : حدثني . ومع غيره حدثنا . وما قرأ عليه أخبرني . وما قرئ بحضرته أخبرنا وروي نحوه عن ابن وهب وهو حسن ، فإن شك فالأظهر أن يقول : حدثني أو يقول : أخبرني ، لا حدثنا وأخبرنا ، وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ، ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة ، وما سمعته من لفظ المحدث فهو على الخلاف في الرواية بالمعنى إن كان قائله يجوز إطلاق كليهما وإلا فلا يجوز .


( الثالث : قال الحاكم الذي أختاره ) أنا في الرواية ( وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول ) الراوي ( فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ : [ ص: 436 ] حدثني ) بالإفراد ( و ) فيما سمعه منه ( مع غيره حدثنا ) بالجمع ( وما قرأ عليه ) بنفسه ( أخبرني وما قرئ ) على المحدث ( بحضرته أخبرنا .

وروي نحوه عن ) عبد الله ( بن وهب ) صاحب مالك ، روى الترمذي عنه في العلل قال : ما قلت : حدثنا ، فهو ما سمعت مع الناس ، وما قلت : حدثني هو ما سمعت وحدي ، وما قلت : أخبرنا فهو ما قرئ على العالم وأنا شاهد ، وما قلت : أخبرني فهو ما قرأت على العالم .

ورواه البيهقي في " المدخل " عن سعيد بن أبي مريم وقال : عليه أدركت مشايخنا ، وهو معنى قول الشافعي وأحمد .

قال ابن الصلاح : ( وهو حسن ) رائق ، قال العراقي : وفي كلامهما أن القارئ يقول أخبرني سواء سمعه معه غيره أم لا ، وقال ابن دقيق العيد في " الاقتراح " : إن كان معه غيره قال : أخبرنا ، فسوى [ ص: 437 ] بين مسألتي التحديث والإخبار ، قلت : الأول أولى ، ليتميز ما قرأه بنفسه وما سمعه بقراءة غيره ، ( فإن شك ) الراوي هل كان وحده حالة التحمل ، ( فالأظهر أن يقول حدثني أو يقول أخبرني لا حدثنا وأخبرنا ) لأن الأصل عدم غيره ، أما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره .

قال العراقي : قد جمعهما ابن الصلاح مع المسألة الأولى ، وأنه يقول أخبرني ; لأن عدم غيره هو الأصل ، وفيه نظر ; لأنه يحقق سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه ، والأصل أنه لم يقرأ .

وقد حكى الخطيب في " الكفاية " عن البرقاني أنه كان يشك في ذلك ، فيقول قرأنا على فلان ، قال وهذا حسن ، لأن ذلك يستعمل فيما قرأه غيره أيضا ، كما قاله أحمد بن صالح والنفيلي .

وقد اختار يحيى بن سعيد القطان [ ص: 438 ] في شبه المسألة الأولى الإتيان بحدثنا ، وذلك إذا شك في لفظ شيخه ، هل قال حدثني أو حدثنا ، ووجهه أن حدثني أكمل مرتبة فيقتصر في حالة الشك على الناقص ، ومقتضاه قول ذلك أيضا في المسألة الأولى ، إلا أن البيهقي اختار في مسألة القطان أن يوحد .

( وكل هذا مستحب باتفاق العلماء ) لا واجب .

( ولا يجوز إبدال حدثنا بأخبرنا أو عكسه في الكتب المؤلفة ) وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف ، لا في نفس ذلك التصنيف ، بأن يغير ولا فيما ينقل منه إلى الأجزاء والتخاريج .

( وما سمعته من لفظ المحدث فهو ) أي إبداله ( على الخلاف في الرواية بالمعنى ) فإن جوزناها جاز الإبدال ( إن كان قائله ) يرى التسوية بينهما و ( يجوز إطلاق كليهما ) بمعنى ( وإلا فلا يجوز ) إبدال ما وقع منه ، ومنع ابن حنبل الإبدال جزما .

[ ص: 439 ] فائدة :

عقد الرامهرمزي أبوابا في تنويع الألفاظ السابقة ، منها :

الإتيان بلفظ الشهادة ، كقول أبي سعيد : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجر أن ينتبذ فيه ، وقول عبد الله بن طاوس أشهد على والدي أنه قال أشهد على جابر بن عبد الله أنه قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أمرت أن أقاتل الناس ، الحديث ، وقول ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر ، الحديث في الصلاة بعد العصر ، وبعد الصبح .

ومنها : تقديم الاسم ، فيقول فلان حدثنا أو أخبرنا .

ومنها : سمعت فلانا : يأثر عن فلان .

ومنها قلت لفلان أحدثك فلان أو اكتتبت عن فلان ؟

ومنها : زعم لنا فلان عن فلان .

[ ص: 440 ] ومنها : حدثني فلان ورد ذلك إلى فلان .

ومنها : دلني فلان على ما دل عليه فلان .

ومنها : سألت فلانا فألجأ الحديث إلى فلان .

ومنها : خذ عني كما أخذته عن فلان .

وساق لكل لفظة من هذه أمثلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية