صفحة جزء
[ ص: 440 ] الرابع : إذا نسخ السامع أو المسمع حال القراءة . فقال إبراهيم الحربي وابن عدي والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني الشافعي : لا يصح السماع . وصححه الحافظ موسى بن هارون الحمال وآخرون وقال أبو بكر الصبغي الشافعي : يقول حضرت ولا يقول أخبرنا ، والصحيح التفصيل ، فإن فهم المقروء صح وإلا لم يصح .

ويجري هذا الخلاف فيما إذا تحدث الشيخ أو السامع أو أفرط القارئ في الإسراع أو هينم القارئ أو بعد بحيث لا يفهم ، والظاهر أنه يعفى عن نحو الكلمتين ، ويستحب للشيخ أن يجيز للسامعين رواية ذلك الكتاب وإن كتب لأحدهم : كتب ، سمعه مني وأجزت له روايته ، كذا فعل بعضهم ولو عظم مجلس المملي فبلغ عنه المستملي فذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى أنه يجوز لمن سمع المستملي أن يروي ذلك عن المملي ، والصواب الذي قاله المحققون أنه لا يجوز ذلك .

وقال أحمد في الحرف يدغمه الشيخ فلا يفهم وهو معروف : أرجو أن لا تضيق روايته عنه ، وقال في الكلمة تستفهم من المستملي : إن كـانت مجتمعا عليها فلا بأس ، وعن خلف بن سالم منع ذلك .


( الرابع إذا نسخ السامع أو المسمع حال القراءة فقال إبراهيم ) بن إسحاق بن بشير ( الحربي الشافعي و ) الحافظ أبو أحمد ( ابن عدي والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني الشافعي ) وغير واحد من الأئمة ( لا يصح السماع ) مطلقا .

نقله الخطيب في " الكفاية " عنه ، وزاد عن أبي الحسين بن سمعون ، ( وصححه ) أي السماع ( الحافظ موسى بن هارون الحمال وآخرون ) مطلقا ، [ ص: 441 ] وقد كتب أبو حاتم السماع عند عارم وكتب عبد الله بن المبارك وهو يقرأ عليه .

( وقال أبو بكر ) أحمد بن إسحاق ( الصبغي الشافعي يقول ) في الأداء ( حضرت ولا يقول ) حدثنا ولا ( أخبرنا والصحيح التفصيل فإن فهم ) الناسخ ( المقروء صح ) السماع ( وإلا ) أي وإن لم يفهمه ( لم يصح ) ، وقد حضر الدارقطني بمجلس إسماعيل الصفار فجلس ينسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي ، فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وأنت تنسخ ، فقال فهمي للإملاء خلاف فهمك ، ثم قال : تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن ؟ فقال : لا ، فقال الدارقطني أملى ثمانية عشر حديثا ، فعددت الأحاديث فوجدت كما قال ، ثم قال : الحديث الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا . والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا ، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها ، فتعجب الناس منه .

[ ص: 442 ] قلت ويشبه هذا ما روي عنه أيضا أنه كان يصلي والقارئ يقرأ عليه ، فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق فقال القارئ بشير ، فسبح ، فقال يسير فتلا الدارقطني : ( ن والقلم ) ، وقال حمزة بن محمد بن طاهر : كنت عند الدارقطني ، وهو قائم يتنفل ، فقرأ عليه القارئ عمرو بن شعيب ، فقال عمرو بن سعيد فسبح الدارقطني ، فأعاده ووقف ، فتلا الدارقطني : ( ياشعيب أصلاتك تأمرك )

( ويجري هذا الخلاف ) والتفصيل ( فيما إذا تحدث الشيخ أو السامع أو أفرط القارئ في الإسراع ) بحيث يخفى بعض الكلام ( أو هينم القارئ ) أي أخفى صوته ( أو بعد ) السامع ( بحيث لا يفهم ) المقروء ( والظاهر أنه يعفى ) في ذلك ( عن ) القدر اليسير الذي لا يخل عدم سماعه بفهم الباقي ( نحو ) الكلمة و ( الكلمتين .

ويستحب للشيخ أن يجيز للسامعين رواية ذلك الكتاب ) أو الجزء الذي سمعوه وإن شمله السماع ، لاحتمال وقوع شيء مما تقدم من الحديث ، والعجلة والهينمة ، فينجبر بذلك .

[ ص: 443 ] ( وإن كتب ) الشيخ ( لأحدهم كتب سمعه مني وأجزت له روايته كذا فعل بعضهم ) قال ابن عتاب الأندلسي : لا غنى في السماع عن الإجازة ، لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو السامعون فينجبر ذلك بالإجازة ، وينبغي لكاتب الطباق أن يكتب إجازة الشيخ عقب كتابة السماع .

قال العراقي : ويقال إن أول من فعل ذلك أبو طاهر إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي ، فجزاه الله خيرا في سنه ذلك لأهل الحديث ، فلقد حصل به نفع كبير ، ولقد انقطع بسبب ترك ذلك وإهماله اتصال بعض الكتب في بعض البلاد ، بسبب كون بعضهم كان له فوت ولم يذكر في طبقة السماع إجازة الشيخ لهم ، فاتفق أن كان بعض المفوتين آخر من بقي ممن سمع بعض ذلك الكتاب ، فتعذر قراءة جميع الكتاب عليه ، كأبي الحسن بن الصواف الشاطبي راوي غالب النسائي عن ابن باقا .

( ولو عظم مجلس المملي فبلغ عنه المستملي فذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى أنه يجوز لمن سمع المستملي أن يروي ذلك عن المملي ) [ ص: 444 ] فعن ابن عيينة أنه قال له أبو مسلم المستملي : إن الناس كثير لا يسمعون ، قال أسمعهم أنت ، وقال الأعمش : كنا نجلس إلى إبراهيم النخعي . مع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه . فيسأل بعضهم بعضا عما قال . ثم يروونه وما سمعوه منه .

وعن حماد بن زيد أنه قال لمن استفهمه كيف قلت ؟ قال : استفهم من يليك ، قال ابن الصلاح : وهذا تساهل ممن فعله ( والصواب الذي قاله المحققون أنه لا يجوز ذلك ) .

وقال العراقي : الأول هو الذي عليه العمل ، لأن المستملي في حكم من يقرأ على الشيخ ، ويعرض حديثه عليه ، ولكن يشترط أن يسمع الشيخ المملي لفظ المستملي ، كالقارئ عليه ، والأحوط أن يبين حالة الأداء أن سماعه لذلك أو لبعض الألفاظ من المستملي ، كما فعله ابن خزيمة وغيره ، بأن يقول أنا بتبليغ فلان .

وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون [ ص: 445 ] اثنا عشر أميرا " فقال كلمة لم أسمعها ، فسألت أبي فقال : " كلهم من قريش " ، وقد أخرجه مسلم عنه كاملا من غير أن يفصل جابر الكلمة التي استفهمها من أبيه .

( وقال أحمد ) بن حنبل ( في الحرف الذي يدغمه الشيخ فلا يفهم ) عنه ( وهو معروف : أرجو أن لا تضيق روايته عنه .

وقال في الكلمة تستفهم من المستملي إن كانت مجتمعا عليها فلا بأس ) بروايتها عنه ( وعن خلف بن سالم ) المخرمي ( منع ذلك ) فإنه قال : سمعت ابن عيينة يقول : نا عمرو بن دينار ، يريد حدثنا ، فإذا قيل له : قل حدثنا ، قال : لا أقول ، لأني لم أسمع من قوله حدثنا ثلاثة أحرف لكثرة الزحام وهي " ح د ث " .

[ ص: 446 ] وقال خلف بن تميم : سمعت من الثوري عشرة آلاف حديث أو نحوها ، فكنت أستفهم جليسي ، فقلت لزائدة ، فقال : لا تحدث منها إلا بما حفظ قلبك وسمع أذنك .

[ قال ] : فألقيتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية