صفحة جزء
[ ص: 447 ] القسم الثالث : الإجازة ، وهي أضرب ; الأول : أن يجيز معينا لمعين كأجزتك البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ، ولهذا أعلى أضربها المجردة عن المناولة ، والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف ، واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها .

وأبطلها جماعات من الطوائف وهو إحدى الروايتين عن الشافعي .

وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم : لا يعمل بها ، كالمرسل ، وهذا باطل .


( القسم الثالث ) من أقسام التحمل ( الإجازة ، وهي أضرب ) تسعة وذكرها المصنف كابن الصلاح سبعة [ ص: 448 ] ( الأول : أن يجيز معينا لمعين : كأجزتك ) أو أجزتكم أو أجزت فلانا الفلاني ( البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ) أي جملة عدد مروياتي .

قال صاحب تثقيف اللسان : الصواب أنها - بالمثناة الفوقية وقوفا وإدماجا - وربما وقف عليها بعضهم بالهاء وهو خطأ ، قال : ومعناها جملة العدد للكتب : لفظة فارسية

( وهذا أعلى أضربها ) أي الإجازة ( المجردة عن المناولة ، والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف ) أهل الحديث وغيرهم ( واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها ) ، وادعى أبو الوليد الباجي وعياض الإجماع عليها ، وقصر أبو مروان الطبني الصحة عليها .

( وأبطلها جماعات من الطوائف ) من المحدثين كشعبة ، قال : لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة ، وإبراهيم الحربي ، وأبي نصر الوائلي ، وأبي الشيخ [ ص: 449 ] الأصبهاني ، والفقهاء : كالقاضي حسين ، والماوردي ، وأبي بكر الخجندي الشافعي ، وأبي طاهر الدباس الحنفي ، وعنهم أن من قال لغيره : أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع ، فكأنه قال : أجزت لك أن تكذب علي ; لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع .

( وهو إحدى الروايتين عن الشافعي ) وحكاه الآمدي عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ونقله القاضي عبد الوهاب عن مالك . وقال ابن حزم : إنها بدعة غير جائزة ، وقيل : . إن كان المجيز والمجاز عالمين بالكتاب جاز وإلا فلا ، واختاره أبو بكر الرازي من الحنفية .

( وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها ) أي بالمروي بها ( كالمرسل ) مع جواز التحديث بها ( وهذا باطل ) ; لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة بها ، وعن الأوزاعي عكس ذلك ، وهو العمل بها دون التحديث .

قال ابن الصلاح : وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ، ويتجه أن يقال : إذا [ ص: 450 ] جاز له أن يروي عنه مروياته فقد أخبره بها جملة ، فهو كما لو أخبره بها تفصيلا ، وإخباره بها غير متوقف على التصريح قطعا كما في القراءة ، وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم ، وذلك حاصل بالإجازة المفهمة .

وقال الخطيب في " الكفاية " : احتج بعض أهل العلم لجوازها بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب سورة براءة في صحيفة ودفعها لأبي بكر ، ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس .

وقد أسند الرامهرمزي عن الشافعي أن الكرابيسي أراد أن يقرأ عليه كتبه فأبى ، وقال : خذ كتب الزعفراني فانسخها فقد أجزت لك ، فأخذها إجازة . أما الإجازة المقترنة بالمناولة فستأتي في القسم الرابع .

تنبيه :

إذا قلنا بصحة الإجازة فالمتبادر إلى الأذهان أنها دون العرض ، وهو الحق ، وحكى الزركشي في ذلك مذاهب .

ثانيها - ونسبه لأحمد بن ميسرة المالكي - : أنها على وجهها خير من السماع الرديء . قال : واختار بعض المحققين تفضيل الإجازة على السماع مطلقا .

ثالثها : أنهما سواء . حكى ابن عات في ريحانة النفس عن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أنه كان يقول : الإجازة عندي وعند أبي وجدي كالسماع .

[ ص: 451 ] وقال الطوفي : الحق التفصيل ، ففي عصر السلف السماع أولى ، وأما بعد أن دونت الدواوين وجمعت السنن واشتهرت فلا فرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية