صفحة جزء
[ ص: 451 ] الثالث : يجيز غير معين بوصف العموم كـأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني ، وفيه خلاف للمتأخرين ، فإن قيدها بوصف حاصر فأقرب إلى الجواز ، ومن المجوزين القاضي أبو الطيب والخطيب وأبو عبد الله بن منده وابن عتاب والحافظ أبو العلاء وآخرون .

قال الشيخ : ولم نسمع عن أحد يقتدى به الرواية بهذه .

قلت : الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها ، وهذا يقتضي صحتها ، وأي فائدة لها غير الرواية بها .


( الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت ) جميع ( المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين ، فإن قيدها ) أي الإجازة العامة ( بوصف حاصر ) كأجزت طلبة العلم ببلد كذا أو من قرأ علي قبل هذا ( فأقرب إلى الجواز ) من غير المقيدة بذلك .

بل قال القاضي عياض : ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك ولا رأيت منعه لأحد ، لأنه محصور موصوف كقوله : لأولاد فلان أو إخوة فلان ، [ ص: 452 ] واحترز بقوله " حاصر " ما لا حصر فيه كأهل بلد كذا فهو كالعامة المطلقة ، وأفرد القسطلاني هذه بنوع مستقل ، ومثله بأهل بلد معين أو إقليم أو مذهب معين .

( ومن المجوزين ) للعامة المطلقة ( القاضي أبو الطيب ) الطبري ( والخطيب ) البغدادي ( وأبو عبد الله بن منده و ) أبو عبد الله ( بن عتاب والحافظ أبو العلاء ) الحسن بن أحمد العطار الهمداني ( وآخرون ) كأبي الفضل بن خيرون ، وأبي الوليد بن رشد ، والسلفي ، وخلائق جمعهم بعضهم في مجلد ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم .

( قال الشيخ ) ابن الصلاح ميلا إلى المنع ( ولم نسمع عن أحد يقتدى به الرواية بهذه ) قال : والإجازة في أصلها ضعف ، وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا .

قال المصنف : ( قلت : الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها ، وهذا مقتضى صحتها وأي فائدة لها غير الرواية بها ) وكذا صرح في الروضة بتصحيح صحتها . [ ص: 453 ] قال العراقي : وقد روى بها من المتقدمين الحافظ أبو بكر بن خير ، ومن المتأخرين الشرف الدمياطي وغيره .

وصححها أيضا ابن الحاجب قال : وبالجملة ففي النفس من الرواية بها شيء ، والأحوط ترك الرواية بها قال : إلا المقيدة بنوع حصر فإن الصحيح جوازها ، انتهى .

وكذا قال شيخ الإسلام في العامة المطلقة قال : إلا أن الرواية بها في الجملة أولى من إيراد الحديث معضلا .

قال البلقيني : وما قيل من أن أصل الإجازة العامة ما ذكره ابن سعد في الطبقات ، ثنا عفان ، ثنا حماد ، ثنا علي بن زيد ، عن أبي رافع ، أن عمر بن الخطاب قال : من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر ، ليس فيه دلالة ; لأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث وعمل ، بخلاف الإجازة ففيها تحديث وعمل وضبط فلا يصح أن يكون ذلك دليلا لهذا ، ولو جعل دليله ما صح من قول النبي صلى الله عليه وسلم : بلغوا عني الحديث ، لكان له وجه قوي . انتهى .

فائدة :

قال شيخ الإسلام في معجمه : كان محمد بن أحمد بن عزام الإسكندري يقول : إذا سمعت الحديث من شيخ وأجاز فيه شيخ آخر سمعه من شيخ رواه الأول عنه [ ص: 454 ] بالإجازة ، فشيخ السماع يروي عن شيخ الإجازة وشيخ الإجازة يرويه عن ذلك الشيخ بعينه بالسماع ، كان ذلك في حكم السماع على السماع . انتهى .

وشيخ الإسلام يصنع ذلك كثيرا في أماليه وتخاريجه .

قلت : فظهر لي من هذا أن يقال : إذا رويت عن شيخ بالإجازة الخاصة عن شيخ بالإجازة العامة وعن آخر بالإجازة العامة عن ذلك الشيخ بعينه بالإجازة الخاصة ، كان ذلك في حكم الإجازة الخاصة عن الإجازة الخاصة .

مثال ذلك : أن أروي عن شيخنا أبي عبد الله محمد بن محمد التنكزي ، وقد سمعت عليه فأجازني لي خاصة ، عن الشيخ جمال الدين الإسنوي فإنه أدرك حياته ولم يجزه خاصة ، وأروي عن الشيخ أبي الفتح المراغي بالإجازة العامة عن الإسنوي بالخاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية