صفحة جزء
[ ص: 454 ] الرابع : إجازة بمجهول أو له كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا في السنن ، أو أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي ، وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم فهي باطلة ، فإن أجاز لجماعة مسمين في الإجازة أو غيرها ولم يعرفهم بأعيانهم ولا أنسابهم ولا عددهم ولا تصفحهم صحت الإجازة كسماعهم منه في مجلسه في هذا الحال ، وأما أجزت لمن يشاء فلان أو نحو هذا ففيه جهالة وتعليق فالأظهر بطلانه ، وبه قطع القاضي أبو الطيب الشافعي ، وصححه ابن الفراء الحنبلي ، وابن عمروس المالكي ، ولو قال : أجزت لمن يشاء الإجازة فهو كأجزت لمن يشاء فلان وأكثر جهالة ، ولو قال أجزت لمن يشاء الرواية عني فأولى بالجواز ، لأنه تصريـح بمقتضى الحال ، ولو قال : أجزت لفلان كـذا إن شاء روايته عني ، أو لك إن شئت أو أحببت أو أردت ، فالأظهر جوازه .


( الرابع إجازة ) لمعين ( بمجهول ) من الكتب ( أو ) إجازة بمعين من الكتب ( له ) أي لمجهول من الناس ، ( كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا في السنن ) أو أجزتك بعض مسموعاتي ( أو أجزت محمد بن خالد الدمشقي وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم ) ولا يتضح مراده في المسألتين ( فهي باطلة ) ، فإن اتضح بقرينة صحيحة [ ص: 455 ] ( فإن أجاز لجماعة مسمين في الإجازة أو غيرها ولم يعرفهم بأعيانهم ولا أنسابهم ولا عددهم ولا تصفحهم ) وكذا إذا سمى المسئول له ولم يعرف عينه ( صحت الإجازة كسماعهم منه في مجلسه في هذا الحال ) أي وهو لا يعرف أعيانهم ولا أسماءهم ولا عددهم ( وأما أجزت لمن يشاء فلان أو نحو هذا ففيه جهالة وتعليق ) بشرط ، ولذلك أدخل في ضرب الإجازة المجهولة ، والعراقي أفرده كالقسطلاني بضرب مستقل ; لأن الإجازة المعلقة قد لا يكون فيها جهالة كما سيأتي ( فالأظهر بطلانه ) للجهل ، كقوله أجزت لبعض الناس ( وبه قطع القاضي أبو الطيب الشافعي ) .

قال الخطيب : وحجتهم القياس على تعليق الوكالة ( وصححه ) أي هذا الضرب من الإجازة أبو يعلى ( ابن الفراء الحنبلي ، و ) أبو الفضل محمد بن عبيد الله ( بن عمروس المالكي ) ، وقال : إن الجهالة ترتفع عند وجود المشيئة ، ويتعين المجاز له عندها .

[ ص: 456 ] قال الخطيب : وسمعت ابن الفراء يحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : لما أمر زيدا على غزوة مؤتة : فإن قتل زيد فجعفر ، فإن قتل جعفر فابن رواحة ، فعلق التأمير .

قال : وسمعت أبا عبد الله الدامغاني يفرق بينها وبين الوكالة بأن الوكيل ينعزل بعزل الموكل له ، بخلاف المجاز .

قال العراقي : وقد استعمل ذلك من المتقدمين الحافظ أبو بكر بن أبي خيثمة صاحب " التاريخ " وحفيد يعقوب بن شيبة . فإن علقت بمشيئة مبهم بطلت قطعا .

( ولو قال أجزت لمن يشاء الإجازة فهو كأجزت لمن يشاء فلان ) في البطلان بل ( وأكثر جهالة ) وانتشارا من حيث إنها معلقة بمشيئة من لا يحصر عددهم .

( ولو قال أجزت لمن يشاء الرواية عني فأولى بالجواز لأنه تصريح بمقتضى الحال ) من حيث إن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له ، لا تعليق في الإجازة ، وقاسه ابن الصلاح على : بعتك إن شئت ، قال العراقي : لكن الفرق بينهما تعيين المبتاع ، بخلافه في الإجازة ، فإنه مبهم .

قال : والصحيح فيه عدم الصحة ، قال : نعم وزانه هنا أجزت لك أن تروي عني إن شئت الرواية عني ، قال والأظهر الأقوى هنا الجواز ، لانتفاء الجهالة ، وحقيقة التعليق انتهى .

[ ص: 457 ] وكذا قال البلقيني في " محاسن الاصطلاح " ، وأيد البطلان في المسألة الأولى ببطلان الوصية والوكالة فيما لو قال : وصيت بهذه لمن يشاء ، أو وكلت في بيعها من شاء أن يبيعها ، قال : وإذا بطل في الوصية مع احتمالها ما لا يحتمله غيرها فهنا أولى .

( ولو قال أجزت لفلان كذا إن شاء روايته عني أو لك إن شئت أو أحببت أو أردت فالأظهر جوازه ) كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية