صفحة جزء
[ ص: 457 ] الخامس : الإجازة للمعلوم كأجزت لمن يولد لفلان . واختلف المتأخرون في صحتها فإن عطفه على موجود كأجزت لفلان ومن يولد له أو لك ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز ، وفعل الثاني من المحدثين أبو بكر بن أبي داود ، وأجاز الخطيب الأول ، وحكاه عن ابن الفراء ، وابن عمروس ، وأبطلها القاضي أبو الطيب ، وابن الصباغ : الشافعيان ، وهو الصحيح الذي لا ينبغي غيره ، وأما الإجازة للطفل الذي لا يميز فصحيحة على الصحيح الذي قطع به القاضي أبو الطيب ، والخطيب خلافا لبعضهم .


( الخامس الإجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان ، واختلف المتأخرون في صحتها فإن عطفه على موجود كأجزت لفلان ومن يولد له أو لك ) ولولدك ( ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز ) مما إذا أفرده بالإجازة قياسا على الوقف .

( وفعل الثاني من المحدثين ) الإمام ( أبو بكر ) عبد الله ( بن أبي داود ) السجستاني فقال : وقد سئل الإجازة ، قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة ، يعني الذين لم يولدوا بعد . [ ص: 458 ] قال البلقيني : ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل المبالغة وتأكيد الإجازة ، وصرح بتصحيح هذا القسم القسطلاني في المنهج .

( وأجاز الخطيب الأول ) أيضا ، وألف فيها جزءا وقال : إن أصحاب مالك وأبي حنيفة أجازوا الوقف على المعدوم ، وإن لم يكن أصله موجودا .

قال : وإن قيل كيف يصح أن يقول أجازني فلان ومولده بعد موته ؟ يقال كما يصح أن يقول وقف على فلان ومولده بعد موته ، قال : ولأن بعد أحد الزمانين من الآخر كبعد أحد الوطنين من الآخر ( وحكاه ) أي الصحة فيما ذكر ( عن ابن الفراء ) الحنبلي ، ( وابن عمروس ) المالكي ، ونسبه عياض لمعظم الشيوخ ( وأبطلها القاضي أبو الطيب وابن الصباغ الشافعيان وهو الصحيح الذي لا ينبغي غيره ) لأن الإجازة في حكم الإخبار جملة بالمجاز ، فكما لا يصح الإخبار للمعدوم لا تصح الإجازة له ، أما إجازة من يوجد مطلقا فلا يجوز إجماعا .

[ ص: 459 ] ( وأما الإجازة للطفل الذي لا يميز فصحيحة على الصحيح الذي قطع به القاضي أبو الطيب والخطيب ) ، ولا يعتبر فيه سن ولا غيره ( خلافا لبعضهم ) حيث قال : لا يصح كما لا يصح سماعه ، ولما ذكر ذلك لأبي الطيب قال يصح أن يجيز للغائب ولا يصح سماعه ، قال الخطيب : وعلى الجواز كافة شيوخنا ، واحتج له بأنها إباحة المجيز للمجاز له أن يروي عنه ، والإباحة تصح للعاقل ولغيره .

قال ابن الصلاح : كأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع ليؤدي به بعد حصول الأهلية لبقاء الإسناد ، وأما المميز فلا خلاف في صحة الإجازة له .

تنبيه :

أدمج المصنف كابن الصلاح مسألة الطفل في ضرب الإجازة للمعدوم ، وأفردها القسطلاني بنوع ، وكذا العراقي وضم إليها الإجازة للمجنون والكافر والحمل .

فأما المجنون فالإجازة له صحيحة وقد تقدم ذلك في كلام الخطيب ، وأما الكافر فقال لم أجد فيه نقلا ، وقد تقدم أن سماعه صحيح ، قال ولم أجد عن أحد من المتقدمين والمتأخرين الإجازة للكافر ، إلا أن شخصا من الأطباء [ ص: 460 ] يقال له محمد بن عبد السيد سمع الحديث في حال يهوديته على أبي عبد الله الصوري ، وكتب اسمه في الطبقة مع السامعين ، وأجاز الصوري لهم ، وهو من جملتهم ، وكان ذلك بحضور المزي ، فلولا أنه يرى جواز ذلك ما أقر عليه ، ثم هدى الله هذا اليهودي إلى الإسلام وحدث ، وسمع منه أصحابنا .

قال : والفاسق والمبتدع أولى بالإجازة من الكافر ، ويؤديان إذا زال المانع ، قال : وأما الحمل فلم أجد فيه نقلا إلا أن الخطيب قال : لم نرهم أجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال ، ولم يتعرض لكونه إذا وقع يصح أو لا ، قال : ولا شك أنه أولى بالصحة من المعدوم ، قال : وقد رأيت شيخنا العلائي سئل لحمل مع أبويه فأجاز واحترز أبو الثناء المنبجي فكتب : أجزت للمسلمين فيه .

قال : ومن عمم الإجازة للحمل وغيره أعلم وأحفظ وأتقن : إلا أنه قد يقال : لعله ما تصفح أسماء الاستدعاء حتى يعلم هل فيه حمل أم لا ، إلا أن الغالب أن أهل الحديث لا يجيزون إلا بعد تصفحهم ، قال وينبغي بناء الحكم فيه على الخلاف في أن الحمل هل يعلم أو لا ؟ فإن قلنا يعلم وهو الأصح صحت الإجازة للمعدوم انتهى .

وذكر ولده الحافظ ولي الدين أبو زرعة في فتاويه المكية وهي أجوبة أسئلة سأله [ ص: 461 ] عنها شيخنا الحافظ أبو الفضل الهاشمي ، أن الجواز فيما بعد نفخ الروح أولى ، وأنها قبل نفخ الروح مرتبة متوسطة بينها وبين الإجازة للمعدوم ، فهي أولى بالمنع من الأولى ، وبالجواز من الثانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية