صفحة جزء
[ ص: 462 ] السابع : إجازة المجاز : كأجزتك مجازاتي ، فمنعه بعض من لا يعتد به .

والصحيح الذي عليه العمل جوازه ، وبه قطع الحفاظ : الدارقطني ، وابن عقدة ، وأبو نعيم ، وأبو الفتح نصر المقدسي . وكان أبو الفتح يروي بالإجازة عن الإجازة ، وربما والى بين ثلاث ، وينبغي للراوي بها تأملها لئلا يروي ما لم يدخل تحتها ، فإن كانت إجازة شيخ شيخه : أجزت له ما صح عنده من سماعي فرأى سماع شيخ شيخه فليس له روايته عن شيخه عنه حتى يعرف أنه صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه فرع :

قال أبو الحسين بن فارس : الإجازة مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث ، يقال : استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك كذا طالب العلم يستجيز العالم علمه فيجيزه ، فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ، ومن جعل الإجازة إذنا وهو المعروف يقول : أجزت له رواية مسموعاتي ، ومتى قال : أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف كما في نظائره ، قالوا : إنما تستحسن الإجازة إذا علم المجيز ما يجيزه وكان المجاز من أهل العلم ، واشترطه بعضهم وحكي عن مالك ، وقال ابن عبد البر : الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة في معين لا يشكل إسناده ، وينبغي للمجيز كتابة أن يتلفظ بها فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صحت . .


( السابع إجازة المجاز كأجزتك مجازاتي ) أو جميع ما أجيز روايته ( فمنعه بعض من لا يعتد به ) وهو الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي [ ص: 463 ] شيخ ابن الجوزي وصنف في ذلك جزءا ; لأن الإجازة ضعيفة فيقوى الضعف باجتماع إجازتين .

( والصحيح الذي عليه العمل جوازه ، وبه قطع الحفاظ ) أبو الحسن ( الدارقطني ، و ) أبو العباس ( ابن عقدة ، وأبو نعيم ) الأصبهاني ، وأبو الفتح نصر المقدسي ، وفعله الحاكم ، وادعى ابن طاهر الاتفاق عليه .

و كان ( أبو الفتح ) نصر المقدسي ( يروي بالإجازة عن الإجازة وربما والى بين ثلاث ) إجازات ، وكذلك الحافظ أبو الفتح بن أبي الفوارس والى بين ثلاث إجازات ، ووالى الرافعي في أماليه بين أربع أجائز ، والحافظ قطب الدين الحلبي خمس أجائز في " تاريخ مصر " ، وشيخ الإسلام في أماليه بين ست .

( وينبغي للراوي بها ) أي بالإجازة عن الإجازة ( تأملها ) أي تأمل كيفية إجازة شيخ شيخه لشيخه ومقتضاها ( لئلا يروي ) بها ( ما لم يدخل تحتها ) فربما قيدها بعضهم بما صح عند المجاز له ، أو بما سمعه المجيز ، ونحو ذلك .

( فإن كانت إجازة شيخ شيخه : أجزت له ما صح عنده من سماعي ، فرأى سماع [ ص: 464 ] شيخ شيخه فليس له روايته عن شيخه عنه ، حتى يعرف أنه صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه ) وكذا إن قيدها بما سمعه لم يتعد إلى مجازاته ، وقد زل غير واحد من الأئمة بسبب ذلك .

قال العراقي : وكان ابن دقيق العيد لا يجيز رواية سماعه كله ، بل يقيده بما حدث به من مسموعاته ، هكذا رأيته بخطه ، ولم أر له إجازة تشمل مسموعه ، وذلك أنه كان شك في بعض سماعاته فلم يحدث به ، ولم يجزه ، وهو سماعه على ابن المقير ، فمن حدث عنه بإجازته منه بشيء مما حدث به من مسموعاته فهو غير صحيح .

قلت : لكنه كان يجيز مع ذلك جميع ما أجيز له ، كما رأيته بخط أبي حيان في النضار ، فعلى هذا لا تتقيد الرواية عنه ، بما حدث به من مسموعاته فقط إذ يدخل الباقي فيما أجيز له .

( فرع قال أبو الحسين ) أحمد ( بن فارس ) اللغوي ( الإجازة ) في كلام [ ص: 465 ] العرب ( مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال ) منه ( استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك ) قال ( كذا ) لك ( طالب العلم يستجيز العالم ) أي يسأله أن يجيزه ( علمه فيجيزه ) إياه ، قال ابن الصلاح ( فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ) أو مروياتي متعديا بغير حرف جر من غير حاجة إلى ذكر لفظ الرواية .

( ومن جعل الإجازة إذنا ) وإباحة وتسويغا ( وهو المعروف يقول أجزت له رواية مسموعاتي ، ومتى قال أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف كما في نظائره ) .

وعبارة القسطلاني في المنهج : الإجازة مشتقة من التجوز وهو التعدي ، فكأنه عدى روايته حتى أوصلها للراوي عنه .

( قالوا إنما تستحسن الإجازة إذا علم المجيز ما يجيزه وكان المجاز ) له ( من أهل العلم ) أيضا أنها توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها . [ ص: 466 ] قال عيسى بن مسكين : الإجازة رأس مال كبير .

( واشترطه بعضهم ) في صحتها فبالغ ( وحكي عن مالك ) حكاه عنه الوليد بن بكر من أصحابه ، ( وقال ابن عبد البر الصحيح : أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة ، وفي ) شيء ( معين لا يشكل إسناده .

وينبغي للمجيز كتابة ) أي بالكتابة ( أن يتلفظ بها ) أي بالإجازة أيضا ( فإن اقتصر على الكتابة ) ولم يتلفظ ( مع قصد الإجازة صحت ) ; لأن الكتابة كناية ، وتكون حينئذ دون الملفوظ بها في الرتبة وإن لم يقصد الإجازة .

قال العراقي : فالظاهر عدم الصحة ، قال ابن الصلاح : وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية ، التي جعلت فيه القراءة على الشيخ ، مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بذلك .

تنبيه

لا يشترط القبول في الإجازة كما صرح به البلقيني ، قلت : فلو رد فالذي ينقدح في النفس الصحة ، وكذا لو رجع الشيخ عن الإجازة ، [ ص: 467 ] ويحتمل أن يقال : إن قلنا الإجازة إخبار لم يضر الرد ولا الرجوع ، وإن قلنا إذن وإباحة ضرا ، كالوقف والوكالة ، ولكن الأول هو الظاهر ، ولم أر من تعرض لذلك .

فائدة

قال شيخنا الإمام الشمني : الإجازة في الاصطلاح إذن في الرواية لفظا أو خطا ، يفيد الإخبار الإجمالي عرفا ، وأركانها أربعة ، المجيز والمجاز له والمجاز به ولفظ الإجازة .

التالي السابق


الخدمات العلمية