صفحة جزء
[ ص: 480 ] القسم الخامس : الكتابة . وهي أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب بخطه أو بأمره .

وهي ضربان مجردة عن الإجازة ، ومقرونة بأجزتك ما كتبت لك أو إليك ونحوه من عبارة الإجازة ، ولهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة وأما المجردة فمنع الرواية بها قوم ، منهم القاضي الماوردي الشافعي .

وأجازها كثيرون من المتقدمين والمتأخرين ، منهم أيوب السختياني ، ومنصور ، والليث ، وغير واحد من الشافعيين وأصحاب الأصول .

وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ، ويوجد في مصنفاتهم : كتب إلي فلان قال حدثنا فلان ، والمراد به هذا ، وهو معمول به عندهم معدود في الموصول لإشعاره بمعنى الإجازة . وزاد السمعاني فقال : هي أقوى من الإجازة ، ثم يكفي معرفته خط الكاتب ، ومنهم من شرط البينة وهو ضعيف . ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها : كتب إلي فلان قال حدثنا فلان أو أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة ونحوه .

ولا يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا ، وجوزه الليث ، ومنصور ، وغير واحد من علماء المحدثين وكبارهم .


( القسم الخامس ) من أقسام التحمل ( الكتابة ) وعبارة ابن الصلاح وغيره المكاتبة ( وهي أن يكتب الشيخ مسموعه ) أو شيئا من حديثه ( لحاضر ) عنده ( أو غائب ) عنه سواء كتب ( بخطه أو ) كتب عنه ( بأمره ) .

( وهي ضربان : مجردة عن الإجازة ، ومقرونة بأجزتك ما كتبت [ ص: 481 ] لك أو ) كتبت ( إليك أو ) ما كتبت به إليك ، ( ونحوه من عبارة الإجازة ، وهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة ) بالإجازة .

( وأما ) الكتابة ( المجردة ) عن الإجازة ( فمنع الرواية بها قوم منهم القاضي أبو الحسن الماوردي الشافعي ) في الحاوي والآمدي وابن القطان .

( وأجازها كثيرون من المتقدمين والمتأخرين منهم أيوب السختياني ومنصور والليث ) وابن سعد وابن أبى سبرة .

ورواه البيهقي في " المدخل " عنهم ، وقال : في الباب آثار كثيرة عن التابعين فمن بعدهم ، وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله بالأحكام شاهدة لقولهم .

( وغير واحد من الشافعيين ) منهم أبو المظفر السمعاني ، ( وأصحاب الأصول ) [ ص: 482 ] منهم الرازي ( وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ، ويوجد في مصنفاتهم ) كثيرا ( كتب إلي فلان قال : حدثنا فلان والمراد به هذا وهو معمول به عندهم معدود في الموصول ) من الحديث دون المنقطع ( لإشعاره بمعنى الإجازة .

وزاد السمعاني فقال : هي أقوى من الإجازة ) قلت : وهو المختار ، بل وأقوى من أكثر صور المناولة .

وفي " صحيح البخاري " في الأيمان والنذور : وكتب إلى محمد بن بشار ، وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غيره ، وفيه وفي " صحيح مسلم " أحاديث كثيرة بالمكاتبة ، في أثناء السند .

منها : ما أخرجاه عن وراد قال : كتب معاوية إلى المغيرة أن اكتب إلي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه . الحديث في القول عقب الصلاة ، وأخرجا عن ابن عون قال : كتب إلي نافع فكتب إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق ، الحديث . وأخرجا عن سالم أبي النضر ، عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 483 ] كتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحرورية يخبره بحديث : " لا تتمنوا لقاء العدو " .

وأخرجا عن هشام قال : كتب إلي يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه مرفوعا : " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني " ، وعند مسلم حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : كتب إلي جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي ، فذكر الحديث .

( ثم يكفي ) في الرواية بالكتابة ( معرفته ) أي المكتوب له ( خط الكاتب ) وإن لم تقم البينة عليه .

( ومنهم من شرط البينة ) عليه لأن الخط يشبه الخط ، فلا يجوز الاعتماد على ذلك ( وهو ضعيف ) .

قال ابن الصلاح : لأن ذلك نادر ، والظاهر أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ، ولا يقع فيه الإلباس وإن كان الكاتب غير الشيخ فلا بد من ثبوت كونه ثقة ، كما تقدمت الإشارة إليه في نوع المعلل .

( ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها كتب إلي فلان قال : حدثنا فلان أو [ ص: 484 ] أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة أو نحوه ) وكذا حدثنا مقيدا بذلك .

( ولا يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا ، وجوزه الليث ومنصور ، وغير واحد من علماء المحدثين وكبارهم ) وجوز آخرون أخبرنا دون حدثنا .

روى البيهقي في " المدخل " عن أبي عصمة سعد بن معاذ قال : كنت في مجلس أبي سليمان الجوزقاني فجرى ذكر حدثنا وأخبرنا ، فقلت إن كليهما سواء ، فقال : بينهما فرق ، ألا ترى محمد بن الحسين قال إذا قال رجل لعبده : إن أخبرتني بكذا فأنت حر ، فكتب إليه بذلك صار حرا ، وإن قال إن حدثتني بكذا فأنت حر فكتب إليه بذلك لا يعتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية