صفحة جزء
[ ص: 497 ] الثانية : ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر .

ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته .

ويستحب تحقيق الخط دون مشقه وتعليقه ، ويكره تدقيقه إلا من عذر : كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه ، وينبغي ضبط الحروف المهملة ، قيل : تجعل تحت الدال ، والراء ، والسين ، والصاد والطاء ، والعين النقط التي فوق نظائرها . وقيل : فوقها كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها ، وقيل : تحتها حرف صغير مثلها ، وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير . وفي بعضها تحتها همزة ، ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه برمز لا يعرفه الناس ، وإن فعل فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده وأن يعتني بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه على رواية . ثم ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية أو نقص أعلم عليه أو خلاف كتبه ، معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا إلا أن يبين أول الكتاب أو آخره ، واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة ، فالزيادة تلحق بحمرة والنقص يحوق عليه بحمرة مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره .


( الثانية : ينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الملتبس من الأسماء أكثر ) ، فإنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل ولا بعد .

قال أبو إسحاق النجيرمي : أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس ; لأنه لا يدخله القياس . ولا قبله ولا بعده شيء يدل عليه .

[ ص: 498 ] وذكر أبو علي الغساني أن عبد الله بن إدريس قال : لما حدثني شعبة بحديث الحوراء عن الحسن بن علي ، كتب تحته : حور عين . لئلا أغلط فأقرأه أبو الجوزاء بالجيم والزاي .

( ويستحب ضبط المشكل في نفس الكتاب وكتبه ) أيضا ( مضبوطا واضحا في الحاشية قبالته ) فإن ذلك أبلغ ، لأن المضبوط في نفس الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه أو تحته ، لا سيما عند ضيقها ودقة الخط .

قال العراقي : وأوضح من ذلك أن يقطع حروف الكلمة المشكلة في الهامش ; لأنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف ، كالنون والياء التحتية بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها .

قال ابن دقيق العيد في " الاقتراح " : ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا .

( ويستحب تحقيق الخط دون مشقه وتعليقه ) قال ابن قتيبة : قال عمر بن الخطاب : شر الكتابة المشق وشر القراءة الهذرمة ، وأجود الخط أبينه ، انتهى .

[ ص: 499 ] والمشق سرعة الكتابة .

( ويكره تدقيقه ) أي الخط ; لأنه لا ينتفع به من في نظره ضعف ، وربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به .

وقد قال أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق ، ورآه يكتب خطا دقيقا : لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك .

( إلا من عذر كضيق الورق وتخفيفه للحمل في السفر ونحوه .

وينبغي ضبط الحروف المهملة ) أيضا . قال البلقيني : يستدل لذلك بما رواه المرزباني وابن عساكر عن عبيد بن أوس الغساني قال : كتبت بين يدي معاوية كتابا فقال لي : يا عبيد أرقش كتابك ، فإني كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا معاوية ، أرقش كتابك ، قلت : وما رقشه يا أمير المؤمنين ؟ قال : أعط كل حرف ما ينوبه من النقط .

قال البلقيني : فهذا عام في كل حرف .

ثم اختلف في كيفية ضبطها ( قيل : يجعل تحت الدال والراء والسين والصاد والطاء والعين النقط التي فوق نظائرها ) .

[ ص: 500 ] واختلف على هذا في نقط السين من تحت ، فقيل : كصورة النقط من فوق ، وقيل : لا ، بل يجعل من فوق كالأثافي ، ومن تحت مبسوطة صفا ، ( وقيل ) : يجعل ( فوقها ) أي المهملات المذكورة صورة هلال ، ( كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها ، وقيل : ) يجعل ( تحتها حرف صغير مثلها ) ويتعين ذلك في الحاء ، قال القاضي عياض : وعليه عمل أهل المشرق والأندلس .

( وفي بعض الكتب القديمة فوقها خط صغير ) كفتحة وقيل كهمزة ، ( وفي بعضها تحتها همزة ) فهذه خمس علامات .

فائدة

لم يتعرض أهل هذا الفن للكاف واللام ، وذكرهما أصحاب التصانيف في الخط ، فالكاف : إذا لم تكتب مبسوطة تكتب في بطنها كاف صغيرة أو همزة .

[ ص: 501 ] واللام يكتب في بطنها لام ، أي هذه الكلمة بحروفها الثلاثة لا صورة " ل " ، ويوجد ذلك كثيرا في خط الأدباء .

والهاء آخر الكلمة يكتب عليها هاء مشقوقة تميزها من هاء التأنيث التي في الصفات ونحوها ، والهمزة المكسورة هل تكتب فوق الألف والكسرة أسفلها ، أو كلاهما أسفل ؟ اصطلاحان للكتاب ، والثاني أوضح .

( ولا ينبغي أن يصطلح مع نفسه ) في كتابه ( برمز لا يعرفه الناس ) ، فيوقع غيره في حيرة فهم مراده ( وإن فعل ) ذلك ( فليبين في أول الكتاب أو آخره مراده ) .

وينبغي ( أن يعتني بضبط مختلف الروايات وتمييزها فيجعل كتابه ) موصولا ( على رواية ) واحدة ( ثم ما كان في غيرها من زيادات ألحقها في الحاشية أو نقص أعلم عليه ، أو خلاف كتبه معينا في كل ذلك من رواه بتمام اسمه لا رامزا ) له بحرف أو بحرفين من اسمه ( إلا أن يبين أول الكتاب ، أو [ ص: 502 ] آخره ) مراده بتلك الرموز .

( واكتفى كثيرون بالتمييز بحمرة ، فالزيادة تلحق بحمرة ، والنقص يحوق عليه بحمرة ، مبينا اسم صاحبها أول الكتاب أو آخره ) .

هذا الفرع كله ذكره ابن الصلاح عقب مسألة الضرب والمحو ، قدمه المصنف هنا للمناسبة مع الاختصار .

التالي السابق


الخدمات العلمية