صفحة جزء
[ ص: 507 ] الرابعة : عليه مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة ، وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع ، ويستحب أن ينظر معه من لا نسخة معه لا سيما إن أراد النقل من نسخته ، وقال يحيى بن معين : لا يجوز أن يروي من غير أصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع ، والصواب الذي قاله الجماهير : أنه لا يشترط نظره ولا مقابلته بنفسه بل يكفي مقابلة ثقة أي وقت كان ، ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ ، فإن لم يقابل أصلا فقد أجاز له الرواية منه الأستاذ أبو إسحاق ، وآباء بكر الإسماعيلي والبرقاني ، والخطيب إن كان الناقل صحيح النقل ، قليل السقط ، ونقل من الأصل ، وبين حال الرواية أنه لم يقابل ، ويراعي في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا في كتابه ، ولا يكن كطائفة إذا رأوا سماعه لكتاب سمعوا من أي نسخة اتفقت ، وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي .


( الرابعة : عليه ) وجوبا كما قال عياض : ( مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن إجازة ) ، فقد روى ابن عبد البر وغيره ، عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي قالا : من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج ، وقال عروة بن الزبير لابنه هشام : كتبت ؟ قال نعم ، قال عرضت كتابك ؟ قال لا ، قال لم تكتب ، أسنده البيهقي في " المدخل " ، وقال الأخفش : [ ص: 508 ] إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم نسخ ولم يعارض خرج أعجميا ، قال البلقيني : وفي المسألة حديثان مرفوعان ، أحدهما : من طريق عقيل عن ابن شهاب الزهري عن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبيه عن جده قال : كنت أكتب الوحي عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا فرغت قال اقرأ ، فأقرؤه ، فإن كان فيه سقط أقامه ، ذكره المرزباني في كتابه .

الحديث الثاني : ذكره السمعاني في أدب الإملاء ، من حديث عطاء بن يسار قال : كتب رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : كتبت ؟ قال : نعم ، قال : عرضت ، قال : لا ؟ قال : لم تكتب ، حتى تعرضه فيصح .

قال وهذا أصرح في المقصود إلا أنه مرسل . انتهى .

قلت : الحديث الأول رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثقون .

( وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع ) ، وما لم يكن كذلك فهو أنقص رتبة ، وقال أبو الفضل الجارودي : أصدق المعارضة مع نفسك .

[ ص: 509 ] وقال بعضهم : لا يصح مع أحد غير نفسه ، ولا يقلد غيره ، حكاه عياض عن بعض أهل التحقيق .

قال ابن الصلاح : وهو مذهب متروك ، والقول الأول أولى .

( ويستحب أن ينظر معه ) فيه ( من لا نسخة معه ) من الطلبة حال السماع ، ( لا سيما إن أراد ) النقل ( من نسخته وقال يحيى بن معين : لا يجوز ) للحاضر بلا نسخة ( أن يروي من غير أصل الشيخ إلا أن ينظر فيه حال السماع ) .

قال ابن الصلاح : وهذا من مذاهب أهل التشديد ، ( والصواب الذي قاله الجمهور أنه لا يشترط ) في صحة السماع ( نظره ، و ) أنه ( لا ) يشترط ( مقابلته بنفسه بل تكفي مقابلة ثقة ) له ( أي وقت كان ) حال القراءة أو بعدها ، ( ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ ومقابلته بأصل أصل الشيخ المقابل [ ص: 510 ] به أصل الشيخ ) ; لأن الغرض مطابقة كتابه لأصل شيخه ، فسواء حصل ذلك بواسطة أو غيرها ، ( فإن لم يقابل ) كتابه بالأصل ونحوه ( أصلا فقد أجاز له الرواية منه ) ، والحالة هذه ( الأستاذ أبو إسحاق ) الإسفرايني . ( وآباء بكر ) بلفظ الجمع في أباء ، وهم ( الإسماعيلي ، والبرقاني ، والخطيب ) بشروط ثلاثة : ( إن كان الناقل ) للنسخة ( صحيح النقل ، قليل السقط ، و ) إن كان ( نقل من الأصل ، و ) إن ( بين حال الرواية أنه لم يقابل ) .

ذكر الشرط الأخير فقط الإسماعيلي ، وهو مع الثاني الخطيب ، والأول ابن الصلاح .

وأما القاضي عياض فجزم بمنع الرواية عند عدم المقابلة وإن اجتمعت الشروط .

( ويراعي في كتاب شيخه مع من فوقه ما ذكرنا ) أنه يراعيه ( في كتابه ولا يكن كطائفة ) من الطلبة ( إذا أرادوا سماعه ) أي الشيخ ( لكتاب سمعوا ) عليه ذلك الكتاب ( من أي نسخة اتفقت وسيأتي فيه خلاف وكلام آخر في أول النوع الآتي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية