صفحة جزء
[ ص: 571 ] فصل :

ويستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر ويتطيب ويسرح لحيته ويجلس متمكنا بوقار ، فإن رفع أحد صوته زبره ، ويقبل على الحاضرين كلهم ، ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاء يليق بالحال ، بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم ، ولا يسرد الحديث سردا يمنع فهم بعضه .


( فصل :

ويستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر ) بغسل ووضوء ، ( ويتطيب ) ويتبخر ، ويستاك ، كما ذكره ابن السمعاني ، ( ويسرح لحيته ، ويجلس ) في صدر مجلسه ( متمكنا ) في جلوسه ( بوقار ) وهيبة .

[ ص: 572 ] وقد كان مالك يفعل ذلك ، فقيل له فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحدث إلا على طهارة متمكنا . وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم ، أسنده البيهقي .

وأسند عن قتادة قال : لقد كان يستحب أن لا يقرأ الأحاديث إلا على طهارة .

وعن ضرار بن مرة قال : كانوا يكرهون أن يحدثوا على غير طهر .

وعن ابن المسيب أنه سئل عن حديث ، وهو مضطجع في مرضه فجلس وحدث به ; فقيل له : وددت أنك لم تتعن ؛ فقال : كرهت أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع .

وعن بشر بن الحارث أن ابن المبارك سئل عن حديث وهو يمشي ، فقال : ليس هذا من توقير العلم .

وعن مالك قال : مجالس العلم يحتضر بالخشوع والسكينة والوقار .

ويكره أن يقوم لأحد ، فقد قيل : إذا قام القارئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد [ ص: 573 ] فإنه يكتب عليه بخطيئة .

( فإن رفع أحد صوته ) في المجلس ( زبره ) أي انتهره وزجره ؛ فقد كان مالك يفعل ذلك أيضا ، ويقول : قال الله تعالى ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي فمن رفع صوته عند حديثه ؛ فكأنما رفع صوته فوق صوته .

( ويقبل على الحاضرين كلهم ) ، فقد قال حبيب بن أبي ثابت : إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعا .

( ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاء يليق بالحال ، بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم ) .

فقد روى الحاكم في " المستدرك " عن أبي سعيد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرءوا سورة .

( ولا يسرد الحديث سردا ) عجلا ( يمنع فهم بعضه ) ، كما روي عن مالك أنه كان لا يستعجل ، ويقول : أحب أن أفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 574 ] وأورد البيهقي في ذلك حديث البخاري عن عروة قال : جلس أبو هريرة إلى جنب حجرة عائشة وهي تصلي فجعل يحدث ، فلما قضت صلاتها قالت : ألا تعجب إلى هذا ؟ وحديثه : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يحدث حديثا لو عده العاد أحصاه .

وفي لفظ عند مسلم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم .

وفي لفظ عند البيهقي عقيبه : إنما كان حديثه فصلا تفهمه القلوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية