صفحة جزء
[ ص: 607 ] وهو أقسام : أجلها القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح نظيف .


( وهو ) أي العلو ( أقسام ) خمسة ( أجلها القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من حيث العدد ( بإسناد صحيح نظيف ) بخلاف ما إذا كان مع ضعف ، فلا التفات إلى هذا العلو ، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ، ممن ادعى سماعا من الصحابة ، كابن هدبة ، ودينار ، وخراش ، ونعيم بن سالم ، ويعلى بن الأشدق ، وأبي الدنيا الأشج .

قال الذهبي : متى رأيت المحدث يفرح بعوالي هؤلاء فاعلم أنه عامي بعد .

وأعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمن من الأحاديث الصحاح المتصلة بالسماع ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه اثنا عشر رجلا ، وبالإجازة في الطريق أحد عشر ، وذلك كثير ، وبضعف يسير غير واه عشرة ، ولم يقع لنا بذلك إلا أحاديث قليلة جدا في معجم الطبراني الصغير :

أخبرني مسند الدنيا أبو عبد الله محمد بن مقبل الحلبي إجازة مكاتبة منه ، في رجب [ ص: 608 ] سنة ثمانمائة وتسعة وستين ، عن محمد بن إبراهيم بن أبي عمر المقدسي ، وهو آخر من حدث عنه بالإجازة ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن البخاري ، وهو آخر من حدث عنه ، عن أبي القاسم عبد الواحد بن القاسم الصيدلاني ، وهو آخر من حدث عنه ، أخبرتنا أم إبراهيم بنت عبد الله ، وأبو الفضل الثقفي سماعا عليهما قالا ، أنا أبو بكر بن ريذة ، أنا أبو القاسم الطبراني ، ثنا عبيد الله بن رماحس سنة مائتين وأربع وسبعين ، ثنا أبو عمرو زياد بن طارق ، وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة ، قال سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي يقول : لما أسرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يوم هوازن ، وذهب يفرق السبي والنساء فأتيته فأنشأت أقول هذا الشعر :


امنن علينا رسول الله في كرم فإنك المرء نرجوه وننتظر     امنن على بيضة قد عاقها قدر
مشتت شملها في دهرها غير     يا خير طفل ومولود ومنتخب
في العالمين إذا ما حصل البشر     أبقت لنا الدهر هتافا على حزن
على قلوبهم الغماء والغمر     إن لم تداركهم نعماء تنشرها
يا أرجح الناس حلما حين يختبر     امنن على نسوة قد كنت ترضعها
وإذ يزينك ما تأتي وما تذر     لا تجعلنا كمن شالت نعامته
واستبق منا فإنا معشر زهر     إنا لنشكر للنعمى إذا كفرت
وعندنا بعد هذا اليوم مدخر     فألبس العفو من قد كنت ترضعه
من أمهاتك إن العفو مشتهر     يا خير من مرحت كمت الجياد به
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر [ ص: 609 ]     إنا نؤمل عفوا منك تلبسه
هذي البرية إذ تعفو وتنتصر     فاعف عفا الله عما أنت راهبه
يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر

قال ، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال : ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، وقالتقريش : ما كان لنا فهو لله ولرسوله ، وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لله ولرسوله
.

هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، عشاري أخرجه أبو سعيد الأعرابي في معجمه ، عن ابن رماحس ، وأبو الحسين بن قانع عن عبيد الله بن علي الخواص ، عن ابن رماحس ، وله شاهد من رواية ابن إسحاق في المغازي ، قال : حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : لما كان يوم حنين يوم هوازن فذكر القصة وسياقه أتم .

وقد أخرجه الضياء في المختارة من حديث زهير ، واستشهد له بحديث عمرو بن شعيب ، فهو عنده على شرط الحسن .

وأما الذهبي فقال في " الميزان " : عبيد الله بن رماحس القيسي الرملي ، كان معمرا ما رأيت للمتقدمين فيه جرحا .

[ ص: 610 ] قال ثم رأيت لحديثه هذا علة قادحة ؛ قال ابن عبد البر فيه ، رواه عبيد الله ، عن زياد بن طارق ، عن زياد بن صرد بن زهير ، عن أبيه ، عن جده زهير ، فعمد عبيد الله إلى الإسناد فأسقط منه رجلين .

وبه إلى الطبراني ، ثنا جعفر بن حميد بن عبد الكريم بن فروخ الأنصاري الدمشقي ، حدثني جدي لأمي عمرو بن أبان بن مفضل المدني قال : أراني أنس بن مالك الوضوء : أخذ ركوة فوضعها على يساره ، وصب على يده اليمنى فغسلها ثلاثا ثم أدار الركوة على يده اليمنى ، فتوضأ ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه ثلاثا ، وأخذ ماء جديدا لصماخه ؛ فقلت له : قد مسحت أذنيك ؛ فقال : يا غلام إنهما من الرأس ، ليس هما من الوجه ، ثم قال : يا غلام هل رأيت أو فهمت ، أو أعيد عليك ؟ فقلت : قد كفاني ، قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ .

قال الذهبي في " الميزان " :

[ هذا حديث غريب من هذا الوجه ] انفرد به الطبراني عن جعفر ، وعمرو بن أبان لا يدرى من هو .

والحديث ثماني لنا له على ضعفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية