صفحة جزء
[ ص: 615 ] الخامس : العلو بتقدم السماع ، ويدخل كثير منه فيما قبله ، ويمتاز بأن يسمع شخصان من شيخ ؛ وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا ، والآخر من أربعين ، وتساوى العدد إليهما فالأول أعلى .


( الخامس : العلو بتقدم السماع ) من الشيخ ، فمن سمع منه متقدما كان أعلى ممن سمع منه بعده .

( ويدخل كثير منه فيما قبله ويمتاز ) عنه ( بأن يسمع شخصان من شيخ ، وسماع أحدهما منذ ستين سنة مثلا ، والآخر من أربعين ) سنة ( وتساوى العدد إليهما فالأول أعلى ) من الثاني .

ويتأكد ذلك في حق من اختلط شيخه أو خرف ، وربما كان المتأخر أرجح ، بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ درجة الإتقان والضبط ، ثم حصل له ذلك بعد ، إلا أن هذا علو معنوي ، كما سيأتي .

تنبيه

جعل ابن طاهر [ ص: 616 ] وابن دقيق العيد هذا والذي قبله قسما واحدا ، وزاد العلو إلى صاحبي الصحيحين ، ومصنفي الكتب المشهورة .

وجعله ابن طاهر اسمين :

أحدهما : العلو إلى الشيخين ، وأبي داود ، وأبي حاتم ، ونحوهم .

والآخر : العلو إلى كتب مصنفة لأقوام كابن أبي الدنيا والخطابي .

ثم قال : واعلم أن كل حديث عسر على المحدث ولم يجده غالبا ، ولابد له من إيراده ، فمن أي وجه أورده فهو عال بعزته ، ومثل ذلك أن البخاري روى عن أماثل أصحاب مالك ، ثم روى حديثا لأبي إسحاق الفزاري ، عن مالك ، لمعنى فيه ؛ فكان فيه بينه وبين مالك ثلاثة رجال .

نكتة

وقع لنا حديث اجتمع فيه أقسام العلو :

أخبرتني أم الفضل بنت محمد المقدسي ، بقراءتي عليها في ربيع الآخر سنة سبعين وثمانمائة ، أنا أبو إسحاق التنوخي سماعا ، وكانت وفاته سنة ثمانمائة ، عن إسماعيل بن يوسف القيسي ، وأبي روح بن عبد الرحمن المقدسي ، قالا : أنا أبو المنجي بن [ ص: 617 ] الليثي ؛ قال : الأول سنة ثلاث وستين وستمائة ، أنا أبو الوقت السجزي في شعبان سنة خمسمائة وثلاث وخمسين ، أنا أبو العاصم الفضيل بن يحيى الأنصاري في ذي الحجة سنة تسع وأربعين وأربعمائة ، أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح ، وكانت وفاته في صفر سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة ، أنا عبد الله بن محمد المنيفي - يعني أبا القاسم البغوي - وكانت وفاته سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ثنا علي بن الجعد الجوهري ، وكانت وفاته في رجب سنة ثلاثين ومائتين ، أنا شعبة بن الحجاج ومات سنة ستين ومائة ، وعلي بن الجعد آخر من روى عنه ; عن محمد بن المنكدر ، سمعت جابر بن عبد الله يقول : استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من هذا ؟ ، فقلت : أنا ، فقال : أنا . . . أنا ! ! كأنه كرهه .

هذا الحديث اجتمع فيه أنواع العلو ، أما العدد فبيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه اثنا عشر رجلا ثقات بالسماع المتصل ، وهو أعلى ما يقع من ذلك .

وأما بالنسبة إلى بعض الأئمة فلأن شعبة بن الحجاج من كبار الأئمة الذين روى الأئمة الستة عن أصحابهم ، ولم يقع حديثه بعلو إلا في كتاب البخاري وأبي داود ، وبينهما وبينه في كثير من الأحاديث رجل واحد .

وأما بقية الجماعة فأقل ما بينهم وبينه اثنان ، وهو متقدم الوفاة ، وبيني وبينه تسعة أنفس ، وهو نهاية العلو .

وأما علوه بالنسبة إلى أئمة الكتب ، فقد أخرجه البخاري عن أبي الوليد عن شعبة ، فوقع لي بدلا عاليا كأني سمعته من أبي الحسن بن أبي المجد ، [ ص: 618 ] وأبي إسحاق التنوخي وغيرهما ، من شيوخ شيوخنا في الصحيح .

ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن عبد الله بن إدريس ، وعن يحيى بن يحيى ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن وكيع ، وعن إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل ، وأبي عامر العقدي ، وعن محمد بن مثنى ، عن وهب بن جرير ، وعن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، عن بهز بن أسد .

وأبو داود عن مسدد عن بشر بن المفضل .

والترمذي عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك .

والنسائي عن حميد بن مسعدة ، عن بشر بن المفضل .

وابن ماجه عن ابن أبي شيبة ، عن وكيع .

كلهم عن شعبة .

فوقع لي بدلا لهم عاليا بثلاث درجات ؛ فكأني سمعته من أبي إسحاق بن مضر راوي صحيح مسلم ، وكانت وفاته في رجب سنة أربع وستين وستمائة ، ومنه سمع النووي صحيح مسلم .

ومن أبي الحسن بن المقير راوي سنن أبي داود ، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين وستمائة . [ ص: 619 ] ومن أبي الحسن بن البخاري راوي الترمذي وكانت وفاته سنة تسعين وستمائة ، ومن إسماعيل بن أحمد العراقي راوي النسائي وكانت وفاته سنة تسعين وستمائة .

ومن أبي السعادات راوي سنن ابن ماجه وكانت وفاته سنة ست وستمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية