صفحة جزء
[ ص: 648 ] النوع الخامس والثلاثون :

معرفة المصحف : هو فن جليل وإنما يحققه الحذاق ، والدارقطني منهم ، وله فيه تصنيف مفيد ، ويكون تصحيف لفظ وبصر في الإسناد والمتن ؛ فمن الإسناد العوام بن مراجم " بالراء والجيم " صحفه ابن معين ؛ فقاله بالزاي والحاء ، ومن الثاني حديث زيد بن ثابت " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد " أي اتخذ حجرة من حصير أو نحوه يصلي فيها ، صحفه ابن لهيعة ؛ فقال : احتجم .

وحديث " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال " صحفه الصولي فقال : شيئا بالمعجمة ، ويكون تصحيف سمع كحديث عن عاصم الأحول ، رواه بعضهم ؛ فقال : واصل الأحدب ، ويكون في المعنى كقول محمد بن المثنى : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم .


( النوع الخامس والثلاثون : معرفة المصحف : هو فن جليل ) مهم ، ( وإنما يحققه الحذاق ) من الحفاظ ، ( والدارقطني منهم ، وله فيه تصنيف مفيد ) ، وكذلك أبو أحمد العسكري .

وعن أحمد أنه قال : ومن يعرى عن الخطأ والتصحيف .

( ويكون تصحيف لفظ ) ، ويقابله تصحيف المعنى ، ( وبصر ) ومقابله تصحيف السمع .

ويكون ( في الإسناد والمتن ، فمن ) التصحيف في ( الإسناد العوام بن مراجم ، بالراء والجيم ، صحفه ابن معين فقاله ) مزاحم ( بالزاي والحاء ) .

[ ص: 649 ] وعتبة ابن الندر ، بالنون المضمومة والمهملة المشددة المفتوحة ، صحفه ابن جرير الطبري بالموحدة والمعجمة .

( ومن الثاني ) أي التصحيف في المتن ، ( حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد ) وهو بالراء ( أي اتخذ حجرة من حصير ، أو نحوه يصلي فيها ؛ صحفه ابن لهيعة ) بفتح اللام وكسر الهاء ( فقال : احتجم ) بالميم .

( وحديث " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال " ) بالسين المهملة والتاء الفوقية لفظ العدد ، ( صحفه الصولي فقال : شيئا بالمعجمة ) والتحتية .

وحديث أبي ذر " تعين صانعا " بالمهملة والنون ، صحفه هشام بن عروة بالمعجمة والتحتية .

وحديث معاوية : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الخطب ، بالمعجمة ، صحفه وكيع بفتح المهملة ، وكذا صحفه ابن شاهين أيضا ؛ فقال بعض الملاحين وقد سمعه : فكيف يا قوم والحاجة ماسة ؟ .

وحديث : " أو شاة تيعر " ، بالياء التحتية ، صحفه أبو موسى [ ص: 650 ] محمد بن المثنى ، بالنون .

وصحف بعضهم حديث : " زر غبا تزدد حبا " ؛ فقال : زرعنا تزدد حنا ، ثم فسره بأن قوما كانوا لا يؤدون زكاة زروعهم ، فصارت كلها حناء .

( ويكون تصحيف سمع ) بأن يكون الاسم واللقب ، أو الاسم واسم الأب ، على وزن اسم آخر ، ولقبه ، أو اسم آخر واسم أبيه ، وبالحروف مختلفة شكلا ونطقا ، فيشتبه ذلك على السمع .

( كحديث عن عاصم الأحول رواه بعضهم فقال : واصل الأحدب ) أو عكسه ، وحديث عن خالد بن علقمة ، رواه شعبة فقال : مالك بن عرفطة .

( ويكون ) التصحيف ( في المعنى كقول ) أبي موسى ( محمد بن المثنى ) العنزي الملقب بالزمن ، أحد شيوخ الأئمة الستة ( نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة ، فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم ؛ وإنما العنزة هنا الحربة تنصب بين يديه .

وأعجب من ذلك ما ذكره الحاكم عن أعرابي أنه زعم أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى شاة ، صحفها عنزة ، بسكون النون ، ثم رواه بالمعنى على وهمه فأخطأ من وجهين .

ومن ذلك أن بعضهم سمع حديث النهي عن التحليق يوم الجمعة قبل الصلاة ، قال : ما حلقت رأسي قبل الصلاة منذ أربعين سنة ؛ فهم منه تحليق الرأس ، وإنما المراد تحليق الناس حلقا .

قال ابن الصلاح : وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه .

[ ص: 651 ] تنبيه

قسم شيخ الإسلام هذا النوع إلى قسمين :

أحدهما : ما غير فيه النقط ؛ فهو المصحف .

والآخر : ما غير فيه الشكل مع بقاء الحروف ، فهو المحرف .

فائدة

أورد الدارقطني في كتاب " التصحيف " كل تصحيف وقع للعلماء ، حتى في القرآن .

من ذلك : ما رواه عثمان بن أبي شيبة ، قرأ على أصحابه في التفسير ، جعل السفينة في رحل أخيه . فقيل له : إنما هو جعل السقاية ، فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم .

قال : وقرأ عليهم في التفسير : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ، قالها : ( الم ) يعني كأول البقرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية