صفحة جزء
[ ص: 682 ] الثالث : أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ، ثم عمر رضي الله عنهما بإجماع أهل السنة ، ثم عثمان ثم علي ؛ هذا قول جمهور أهل السنة . وحكى الخطابي عن أهل السنة من الكوفة تقديم علي على عثمان ، وبه قال أبو بكر بن خزيمة ؛ قال أبو منصور البغدادي : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ، ثم تمام العشرة ، ثم أهل بدر ، ثم أحد ، ثم بيعة الرضوان ، وممن لهم مزية أهل العقبتين من الأنصار ، والسابقون الأولون ، وهم من صلى إلى القبلتين في قول ابن المسيب وطائفة ، وفي قول الشعبي : أهل بيعة الرضوان ، وفي قول محمد بن كعب وعطاء : أهل بدر .


( الثالث : أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ، ثم عمر رضي الله عنهما بإجماع أهل السنة ) .

وممن حكى الإجماع على ذلك أبو العباس القرطبي ؛ قال : ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع ولا أهل البدع .

وكذلك حكى الشافعي إجماع الصحابة والتابعين على ذلك ، رواه عنه البيهقي في الاعتقاد .

وحكى المازري عن الخطابية تفضيل عمر ، وعن الشيعة تفضيل علي ، وعن [ ص: 683 ] الراوندية تفضيل العباس ، وعن بعضهم الإمساك عن التفضيل .

وحكى الخطابي عن بعض مشايخه أنه قال : أبو بكر خير ، وعلي أفضل ، وهذا تهافت من القول .

وحكى القاضي عياض : أن ابن عبد البر وطائفة ذهبوا إلى أن من مات منهم في حياته صلى الله عليه وسلم أفضل ممن بقي بعده ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : أنا شهيد على هؤلاء .

قال المصنف : وهذا الإطلاق غير مرض ولا مقبول .

( ثم عثمان ، ثم علي ؛ هذا قول جمهور أهل السنة ) ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وسفيان الثوري ، وكافة أهل الحديث والفقه ، والأشعري ، والباقلاني ، وكثير من المتكلمين .

لقول ابن عمر : كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، رواه البخاري . ورواه الطبراني بلفظ أصرح كما تقدم في نوع المرفوع .

( وحكى الخطابي عن أهل السنة من الكوفة تقديم علي على عثمان ، وبه قال أبو بكر بن خزيمة ) ، وهو رواية عن سفيان الثوري ، ولكن آخر قوليه ما سبق .

وحكي عن مالك التوقف بينهما ؛ حكاه المازري عن المدونة .

وقال القاضي عياض : رجع مالك عن التوقف إلى تفضيل عثمان .

[ ص: 684 ] قال القرطبي : وهو الأصح إن شاء الله تعالى .

وتوقف أيضا إمام الحرمين .

ثم التفضيل عنده ، وعند الباقلاني ، وصاحب المفهم ظني .

وقال الأشعري : قطعي .

( قال أبو منصور ) عبد القاهر التميمي ( البغدادي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ، ثم تمام العشرة ) المشهود لهم بالجنة ؛ سعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح .

( ثم أهل بدر ) وهم ثلاثمائة وبضعة عشر ؛ روى ابن ماجه عن رافع بن خديج قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون من شهد بدرا فيكم ؟ قال : خيارنا ، قال : كذلك عندنا هم خيار الملائكة .

( ثم ) أهل ( أحد ، ثم ) أهل ( بيعة الرضوان ) بالحديبية ؛ قال صلى الله عليه وسلم : لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة ، صححه الترمذي .

( وممن له مزية : أهل العقبتين من الأنصار ، والسابقون الأولون ) من المهاجرين والأنصار ، ( وهم من صلى إلى القبلتين في قول ) سعيد ( بن المسيب وطائفة ) ، [ ص: 685 ] منهم : ابن الحنفية ، وابن سيرين ، وقتادة .

( وفي قول الشعبي ، أهل بيعة الرضوان ، وفي قول محمد بن كعب ) القرظي ( وعطاء ) ابن يسار ( أهل بدر ) ، روى ذلك سنيد عنهما ، بسند فيه مجهول وضعيف ، وسنيد ضعيف أيضا .

وروى القولين السابقين عمن ذكر عبد بن حميد في تفسيره ، وعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور في سننه بأسانيد صحيحة .

وروى سنيد بسند صحيح إلى الحسن أنهم من أسلم قبل الفتح .

فوائد

الأول : ورد في أحاديث تفضيل أعيان من الصحابة ، كل واحد في أمر مخصوص .

فروى الترمذي عن أنس مرفوعا ، أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبي بن كعب ، ولكل أمة أمين ؛ وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .

[ ص: 686 ] وروى الترمذي حديث : أفرضكم زيد ، وصححه الحاكم بلفظ : أفرض أمتي زيد .

الثانية : اختلف في التفضيل بين فاطمة وعائشة على ثلاثة أقوال : ثالثها الوقف .

والأصح تفضيل فاطمة ، فهي بضعة منه ، وقد صححه السبكي في الحلبيات ، وبالغ في تصحيحه .

وفي الصحيح في فاطمة : سيدة نساء هذه الأمة .

وروى النسائي عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هذا ملك من الملائكة استأذن ربه ليسلم علي ، يبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة ، وأمهما سيدة نساء أهل الجنة .

وفي مسند الحارث بن أبي أسامة بسند صحيح ، لكنه مرسل : مريم خير نساء عالمها ، وفاطمة خير نساء عالمها .

[ ص: 687 ] ورواه الترمذي موصولا من حديث علي بلفظ : خير نسائها مريم ، وخير نسائها فاطمة .

قال شيخ الإسلام : والمرسل يفسر المتصل .

الثالثة : أفضل أزواجه صلى الله عليه وسلم خديجة ، وعائشة .

وفي التفضيل بينهما أوجه حكاها المصنف في الروضة .

ثالثها : الوقف .

واختار السبكي في الحلبيات تفضيل خديجة ، ثم عائشة ، ثم حفصة ، ثم الباقيات سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية