صفحة جزء
[ ص: 687 ] الرابع : قيل أولهم إسلاما أبو بكر ، وقيل : علي .

وقيل زيد ، وقيل خديجة وهو الصواب عند جماعة من المحققين ، وادعى الثعلبي فيه الإجماع وأن الخلاف فيمن بعدها .

والأورع أن يقال : من الرجال الأحرار : أبو بكر ، ومن الصبيان : علي ، ومن النساء : خديجة ، ومن الموالي : زيد ، ومن العبيد : بلال ، وآخرهم موتا : أبو الطفيل مات سنة مائة ، وآخرهم قبله : أنس .


( الرابع : قيل أولهم إسلاما أبو بكر ) الصديق ؛ قاله ابن عباس ، وحسان ، والشعبي ، والنخعي في آخرين .

ويدل له ما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة في قصة إسلامه ، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم : من معك على هذا ؟ قال : حر وعبد ، قال : ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به .

وروى الحاكم في " المستدرك " من رواية مجالد بن سعيد قال : سئل الشعبي : من أول من أسلم ؟ فقال : أما سمعت قول حسان :

[ ص: 688 ]

إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا     خير البرية أتقاها وأعدلها
بعد النبي وأوفاها بما حملا     والثاني التالي المحمود مشهده
وأول الناس منهم صدق الرسلا

وروى الطبراني في الكبير عن الشعبي قال : سألت ابن عباس ، فذكره .

وروى الترمذي من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد قال : قال أبو بكر : ألست أول من أسلم ؟ ، الحديث .

( وقيل : علي ) ابن أبي طالب ، رواه الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس ، وبسند ضعيف عنه مرفوعا .

ورواه الترمذي عنه من طريق أخرى موقوفا .

وروى الطبراني بسند فيه إسماعيل السدي ، عن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي ؛ فقال : إن هذا أول من آمن بي ، ورواه أيضا عن سلمان .

وروى أحمد في مسنده بسند فيه مجهول وانقطاع عن علي مرفوعا .

[ ص: 689 ] وروي بسند آخر عنه قال : " أنا أول من صلى " . وروي ذلك أيضا عن زيد بن أرقم ، والمقداد بن الأسود ، وأبي أيوب ، وأنس ، ويعلى بن مرة ، وعفيف الكندي ، وخزيمة بن ثابت ، وخباب بن الأرت ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري .

وروى الحاكم في المستدرك من رواية مسلم الملائي قال : نبئ النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، وأسلم علي يوم الثلاثاء .

وادعى الحاكم إجماع أهل التاريخ عليه ، ونوزع في ذلك .

وقال كعب بن زهير في قصيدة يمدحه فيها :


إن عليا لميمون نقيبته     بالصالحات من الأعمال مشهور
صهر النبي وخير الناس مفتخرا     فكل من رامه بالفخر مفخور
صلى الطهور مع الأمي أولهم     قبل المعاد ورب الناس مكفور

( وقيل : زيد ) بن حارثة قاله الزهري .

( وقيل : خديجة ) أم المؤمنين .

قال المصنف زيادة على ابن الصلاح : ( وهو الصواب عند جماعة من المحققين ) .

وروي ذلك عن ابن عباس والزهري أيضا ، وهو قول قتادة وابن إسحاق ( وادعى الثعلبي فيه الإجماع وأن الخلاف فيمن بعدها ) .

ورواه أحمد في مسنده ، والطبراني عن ابن عباس .

وقال ابن عبد البر : اتفقوا على أن خديجة أول من آمن ثم علي بعدها ، ثم ذكر [ ص: 690 ] أن الصحيح أن أبا بكر أول من أظهر إسلامه .

ثم روي عن محمد بن كعب القرظي أن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب ، وأظهر أبو بكر إسلامه ، ولذلك شبه على الناس .

وروى الطبراني في الكبير من رواية محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال : صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة الاثنين ، وصلت خديجة يوم الاثنين من آخر النهار ، وصلى علي يوم الثلاثاء .

وقال ابن إسحاق : أول من آمن خديجة ، ثم علي ، ثم زيد بن حارثة ، ثم أبو بكر فأظهر إسلامه ، ودعا إلى الله فأسلم بدعائه عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ; فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام .

وذكر عمر بن شبة : أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل علي .

وقال غيره : إنه أولهم إسلاما .

وحكى المسعودي قولا : أن أولهم خباب بن الأرت ، وعن آخر أن أولهم بلال .

ونقل الماوردي في أعلام النبوة عن ابن قتيبة : أن أول من آمن أبو بكر بن أسعد الحميري .

[ ص: 691 ] ونقل ابن سبع في الخصائص عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : كنت أولهم إسلاما .

وقال العراقي : ينبغي أن يقال : إن أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل ، لحديث الصحيحين في بدء الوحي .

قال ابن الصلاح وتبعه المصنف ( والأورع أن يقال : ) أول من أسلم ( من الرجال الأحرار أبو بكر ، ومن الصبيان علي ، ومن النساء خديجة ، ومن الموالي زيد ، ومن العبيد بلال ) .

قال البرماوي : ويحكى هذا الجمع عن أبي حنيفة

[ قلت : أخرج عنه الحاكم ] .

قال ابن خالويه : وأول امرأة أسلمت بعد خديجة لبابة بنت الحارث زوجة العباس .

( وآخرهم ) أي الصحابة ( موتا ) مطلقا ( أبو الطفيل ) عامر بن واثلة الليثي ( مات سنة مائة ) من الهجرة .

قاله مسلم في صحيحه ، ورواه الحاكم في المستدرك عن خليفة بن خياط .

وقال خليفة في غير رواية الحاكم : إنه تأخر بعد المائة .

[ ص: 692 ] وقيل : مات سنة اثنتين ومائة ، قاله مصعب بن عبد الله الزبيري .

وجزم ابن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن منده أنه مات سنة سبع ومائة .

وقال وهب بن جرير بن حازم عن أبيه : كنت بمكة سنة عشر ومائة ، فرأيت جنازة فسألت عنها . فقالوا : هذا أبو الطفيل . وصحح الذهبي أنه سنة عشر ، وأما كونه آخر الصحابة موتا مطلقا ، فجزم به مسلم ومصعب الزبيري ، وابن منده والمزي في آخرين .

وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما على وجه الأرض رجل رآه غيري .

قال العراقي : وما حكاه بعض المتأخرين ، عن ابن دريد من أن عكراش بن ذؤيب تأخر بعد ذلك ، وأنه عاش بعد الجمل مائة سنة . فهذا باطل لا أصل له ، والذي أوقع ابن دريد في ذلك ابن قتيبة ; فقد سبقه إلى ذلك ، وهو إما باطل أو مؤول بأنه استكمل المائة بعد الجمل ، لا أنه بقي بعدها مائة سنة .

وأما قول جرير بن حازم : إن آخرهم موتا سهل بن سعد ; فالظاهر أنه أراد [ ص: 693 ] بالمدينة ، وأخذه من قول سهل : لو مت لم تسمعوا أحدا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان خطابه بهذا لأهل المدينة .

( وآخرهم ) موتا ( قبله أنس ) بن مالك ، مات بالبصرة سنة ثلاث وتسعين .

وقيل : اثنتين .

وقيل : إحدى .

وقيل : تسعين .

وهو آخر من مات بها .

قال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أبا الطفيل .

وقال العراقي : بل مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف في سنة تسع وتسعين ، وقد رآه وحدث عنه كما في صحيح البخاري .

وكذا تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول من قال : وفاته سنة ست وتسعين .

وآخر الصحابة موتا بالمدينة سهل بن سعد الأنصاري ، قاله : ابن المديني ، والواقدي ، وإبراهيم بن المنذر ، وابن حبان ، وابن قانع ، وابن منده .

وادعى ابن سعد نفي الخلاف فيه ، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين .

[ ص: 694 ] وقيل : إحدى وتسعين .

وقال قتادة : بل مات بمصر .

وقال ابن أبي داود : بالإسكندرية .

وقيل : السائب بن يزيد ، قاله أبو بكر بن أبي داود ، وكانت وفاته سنة ثمانين .

وقيل : جابر بن عبد الله ، قاله قتادة وغيره .

قال العراقي : وهو قول ضعيف ، لأن السائب مات بالمدينة بلا خلاف ، وقد تأخر بعده .

وقيل مات بقباء .

وقيل : بمكة ، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين ، وقيل : ثلاث ، وقيل : أربع ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمان ، وقيل : تسع .

قال العراقي : وقد تأخر بعد الثلاثة محمود بن الربيع الذي عقل المجة ، وتوفي بها سنة تسع وتسعين ; فهو إذا آخر الصحابة موتا بها .

وآخرهم بمكة ، تقدم أنه أبو الطفيل ، وهو قول ابن المديني وابن حبان وغيرهما .

وقيل : جابر بن عبد الله ، قاله ابن أبي داود ، والمشهور وفاته بالمدينة .

وقيل : ابن عمر ، قاله قتادة ، وأبو الشيخ ابن حبان ، ومات سنة ثلاث ، وقيل : أربع وسبعين .

[ ص: 695 ] وآخرهم بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى ، مات سنة ست وثمانين ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمان .

وقال ابن المديني : أبو جحيفة .

والأول أصح فإنه مات سنة ثلاث وثمانين .

وقد اختلف في وفاة عمرو بن حريث ، فقيل سنة خمس وثمانين ، وقيل : سنة ثمان وتسعين .

فإن صح الثاني فهو آخرهم موتا بها ، وابن أبي أوفى آخر من مات من أهل بيعة الرضوان - رضي الله عنهم .

وآخرهم بالشام عبد الله بن بسر المازني ، قاله خلائق . ومات سنة ثمان وثمانين .

وقيل : ست وتسعين ، وهو آخر من مات ممن صلى للقبلتين .

وقيل : آخرهم بالشام أبو أمامة الباهلي ، قاله الحسن البصري وابن عيينة .

والصحيح الأول . فوفاته سنة ست وثمانين ; وقيل : إحدى وثمانين .

وحكى الخليلي في الإرشاد القولين بلا ترجيح ، ثم قال : وروى بعض أهل الشام أنه أدرك رجلا بعدهما يقال له الهدار ، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مجهول اه .

وقيل : آخرهم بالشام واثلة بن الأسقع ، قاله أبو زكريا بن منده وموته بدمشق ، وقيل : ببيت المقدس .

وقيل : بحمص سنة خمس وثمانين .

[ ص: 696 ] وقيل : ثلاث ، وقيل : ست .

وآخرهم بحمص عبد الله بن بسر .

وآخرهم بالجزيرة العرس بن عميرة الكندي .

وآخرهم بفلسطين أبو أبي عبد بن حرام ، ربيب عبادة بن الصامت .

وقيل : مات بدمشق . وقيل ببيت المقدس .

وآخرهم بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، مات سنة ست وثمانين .

وقيل : خمس ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمان ، وقيل : تسع ، قاله الطحاوي .

وكانت وفاته بسفط القدور ، وتعرف الآن بسفط أبي تراب .

وقيل باليمامة .

وقيل : إنه شهد بدرا ، ولا يصح ، فعلى هذا هو آخر البدريين موتا .

وآخرهم باليمامة الهرماس بن زياد الباهلي سنة اثنتين ومائة أو مائة أو بعدها .

وآخرهم ببرقة رويفع بن ثابت الأنصاري .

وقيل بإفريقية ، وقيل : بأنطابلس ، وقيل : بالشام .

ومات سنة ثلاث وستين ، وقيل : سنة ست وستين .

وآخرهم بالبادية سلمة بن الأكوع . قاله أبو زكريا بن منده .

والصحيح أنه مات بالمدينة .

ومات سنة أربع وسبعين ، وقيل : أربع وستين ، وهذا آخر ما ذكره [ ص: 697 ] ابن الصلاح .

وآخرهم بخراسان بريدة بن الحصيب .

وآخرهم بسجستان العداء بن خالد بن هوذة ، ذكرهما أبو زكريا بن منده .

قال العراقي : وفي بريدة نظر . فإن وفاته سنة ثلاث وسبعين ، وقد تأخر بعده أبو برزة الأسلمي ، ومات بها سنة أربع وسبعين .

وآخرهم بالطائف ابن عباس .

وآخرهم بأصبهان النابغة الجعدي . قاله أبو الشيخ وأبو نعيم .

وآخرهم بسمرقند قثم بن العباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية