صفحة جزء
[ ص: 121 ] وللكتب المخرجة عليهما فائدتان : علو الإسناد ، وزيادة الصحيح ، فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما .


( وللكتب المخرجة عليهما فائدتان ) :

إحداهما : ( علو الإسناد ) لأن مصنف المستخرج لو روى حديثا مثلا من طريق البخاري لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج ، مثاله : أن أبا نعيم لو روى حديثا عن عبد الرزاق من طريق البخاري أو مسلم لم يصل إليه إلا بأربعة ، وإذا رواه عن الطبراني عن الدبري - بفتح الموحدة - عنه وصل باثنين ، وكذا لو روى حديثا في مسند الطيالسي من طريق مسلم كان بينه وبينه أربعة ، شيخان بينه وبين مسلم ، ومسلم وشيخه ، وإذا رواه عن ابن فارس عن يونس بن حبيب عنه وصل باثنين .

( و ) الأخرى ( زيادة الصحيح فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما ) .

قال شيخ الإسلام : هذا مسلم في الرجل الذي التقى فيه إسناد المستخرج وإسناد مصنف الأصل ، وفيمن بعده ، وأما من بين المستخرج وبين ذلك الرجل فيحتاج إلى نقد ؛ لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك ، وإنما جل قصده العلو ، فإن حصل وقع على غرضه ، فإن كان مع ذلك صحيحا أو فيه زيادة حسن حصلت اتفاقا ، وإلا فليس ذلك همته .

قال : قد وقع ابن الصلاح هنا فيما فر منه في عدم التصحيح في هذا الزمان ، [ ص: 122 ] لأنه أطلق تصحيح هذه الزيادات ثم عللها بتعليل أخص من دعواه ، وهو كونها بذلك الإسناد ، وذلك إنما هو من ملتقى الإسناد إلى منتهاه .

[ تنبيه ]

لم يذكر المصنف تبعا لابن الصلاح للمستخرج سوى هاتين الفائدتين ، وبقي له فوائد أخر : منها القوة بكثرة الطرق للترجيح عند المعارضة ، ذكره ابن الصلاح في مقدمة شرح مسلم ، وذلك بأن يضم المستخرج شخصا آخر فأكثر مع الذي حدث مصنف الصحيح عنه ، وربما ساق له طرقا أخرى إلى الصحابي بعد فراغه من استخراجه ، كما يصنع أبو عوانة .

ومنها : أن يكون مصنف الصحيح روى عمن اختلط ولم يبين هل سماع ذلك الحديث في هذه الرواية قبل الاختلاط أو بعده ؟ فيبينه المستخرج ، إما تصريحا أو بأن يرويه عنه من طريق من لم يسمع منه إلا قبل الاختلاط .

ومنها : أن يروى في الصحيح عن مدلس بالعنعنة ، فيرويه المستخرج بالتصريح بالسماع .

فهاتان فائدتان جليلتان ، وإن كنا لا نتوقف في صحة ما روي في الصحيح من ذلك غير مبين ، ونقول : لو لم يطلع مصنفه على أنه روي عنه قبل الاختلاط ، وأن المدلس سمع لم يخرجه .

[ ص: 123 ] فقد سأل السبكي المزي : هل وجد لكل ما روياه بالعنعنة طرق مصرح فيها بالتحديث ؟ فقال : كثير من ذلك لم يوجد وما يسعنا إلا تحسين الظن .

ومنها : أن يروي عن مبهم : كحدثنا فلان أو رجل ، أو فلان وغيره ، أو غير واحد ، فيعينه المستخرج .

ومنها : أن يروي عن مهمل ، كمحمد من غير ذكر ما يميزه عن غيره من المحمدين ، ويكون في مشايخ من رواه كذلك من يشاركه في الاسم ، فيميزه المستخرج .

قال شيخ الإسلام : وكل علة أعل بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمة منها ، فهي من فوائده ، وذلك كثير جدا .

[ فائدة ]

لا يختص المستخرج بالصحيحين ، فقد استخرج محمد بن عبد الملك بن أيمن على سنن أبي داود ، وأبو علي الطوسي على الترمذي ، وأبو نعيم على التوحيد لابن خزيمة ، وأملى الحافظ أبو الفضل العراقي على المستدرك مستخرجا لم يكمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية