الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 373 ] 2 - باب ما كان في أول الإسلام من منع دخول المحرم من الأبواب ، ونسخ ذلك

حديث جابر وما كان في أول الإسلام - نسخ ذلك الأمر بآية ( ليس البر ) - كلام المفسرين في ذلك .

أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الدورقي ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : وكانت قريش تدعي الحمس ، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام ، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بستان إذ خرج من بابه ، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري ، فقالوا : يا رسول الله ، إن قطبة بن عامر رجل فاجر ، فإنه خرج معك من الباب . فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : رأيتك فعلت ؛ ففعلت كما فعلت . قال : إني أحمس . قال : فإن ديني دينك . فأنزل الله تعالى : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) .

ذكر المفسرون أن الناس كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه ، فإن [ ص: 374 ] كان من أهل المدر نقب نقبا في ظهر بيته منه يدخل ومنه يخرج ، أو يتخذ سلما فيصعد فيه ، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ، ولا يدخل من الباب ولا يخرج منه حتى يحل من إحرامه ، ويرون ذلك برا إلا أن يكون من الحمس وهم : قريش ، وكنانة ، وخزاعة ، وثقيف ، وجشم ، وبنو نصر بن معاوية ، وبنو عامر بن صعصعة ، سموا حمسا لتشددهم في دينهم ، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وإنكاره على قطبة بن عامر خروجه يدل على أنه كان مشروعا في أول الإسلام ، وهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية