الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 375 ] 3 - باب الاشتراط في الحج .

حديث ضباعة بنت الزبير - حديث رواه الشافعي عن عائشة - روى الشافعي حديث ضباعة منقطعا - اختلاف أهل العلم في هذا الباب - طائفة تقول بالاشتراط - وطائفة تقول بعدمه - ادعى ابن عباس بنسخ الاشتراط

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن هشام ، عن أبيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بضباعة بنت الزبير فقال : أما تريدين الحج ؟ فقالت : إني شاكية . فقال لها : حجي واشترطي إن محلي حيث حبستني .

وبالإسناد أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قالت لي عائشة : هل تستثني إذا حججت ؟ فقلت لها : [ ص: 376 ] ماذا أقول ؟ فقالت : قل : اللهم الحج أردت ، وله عمدت ، فإن يسرته فهو الحج ، وإن حبسني حابس فهو عمرة .

كذا روى الشافعي حديث ضباعة منقطعا ، وقال : لو ثبت حديث عروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاستثناء لم أعده إلى غيره ؛ لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

أما حديث سفيان بن عيينة ، فقد رواه عنه عبد الجبار بن العلاء موصولا ، لم تذكر عائشة فيه ، وقد ثبت وصله أيضا من حديث أبي أسامة : حماد بن أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وأخرجاه في الصحيح ، وثبت عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

وأخرجه مسلم ، وثبت عن عطاء ، وسعيد بن جبير ، وطاوس ، وعكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخرج في كتاب مسلم .

وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :

( فذهبت طائفة ) إلى الاشتراط وقالت به طائفة ، وممن روينا عنه ذلك : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، ومن التابعين : عبيدة السلماني ، والأسود بن يزيد ، وعلقمة ، وشريح ، وعطاء بن أبي رباح ، وعكرمة ، وعن سعيد بن المسيب روايتان ، وعطاء بن يسار ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وقال [ ص: 377 ] إسحاق : لما صح عن عمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعة ، وقد كان الشافعي يقول بهذا القول إذ هو بالعراق ، ووقف عنه بمصر ، وقال : وهذا مما أستخير الله فيه .

وخالفهم في ذلك آخرون ، وأنكروا الاشتراط ، ولم يروه شيئا ، وكان ابن عمر ينكر الاشتراط في الحج ، ويقول : أليس بحسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وممن أنكر ذلك سالم بن عبد الله ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، والزهري ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي ، وقال النخعي : كانوا يشترطون ، ولا يرونه شيئا ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأهل الكوفة .

وأما حديث ضباعة فقد ذهب بعض هؤلاء إلى أنه منسوخ ، وروينا ذلك عن ابن عباس .

أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي ، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا أحمد بن جعفر الحمال ، حدثنا عبد الرحمن بن سلمة ، حدثنا مهران ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبي إسحاق ، عن حبيب بن عميرة ، أو عميرة بن حبيب ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : إذا أراد أن يحج فليشترط أن محله حيث حبس . فذكرت ذلك للحكم ، فقال : حدثني مجاهد قال : ذكرت ذلك لابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير أن تشترط أن محلها حيث حبست ، فقال : قد كان هذا ؛ ولكن نسخ . قلت : وما نسخه ؟ قال : نسخه ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) .

ورواه قيس بن الربيع ، عن الحسن نحوه ، وليس هذا الإسناد بذاك القائم .

التالي السابق


الخدمات العلمية