الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 388 ] 2 - باب الفرع والعتيرة

حديث عائشة في الفرع - حديث مخنف - في كل سائمة فرع - حديث أبي هريرة في النهي عن الفرع والعتيرة - في الفرعة من خمسين بواحدة - لا فرع ولا عتيرة - تفسير أبي عمر للفرع - تفسير أبي عبيد - الجمع بين الحديثين .

قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، أخبرنا إسحاق الحنظلي ، أخبرنا عبد الرزاق ، حدثنا ابن جريج ، حدثنا ابن خثيم ، عن يوسف بن ماهك ، عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، عن عائشة ، قالت : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفرع من كل خمسين واحدة .

أخبرنا أبو العلاء محمد بن جعفر الخازن ، عن أبي سعد محمد بن محمد بن أبي عبد الله ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرني عبد الكريم ، عن حبيب بن مخنف العنبري ، عن أبيه ، قال : انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة ، وهو يقول : تعرفونها . فلا أدري ما رجعوا عليه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : على كل أهل بيت أن يذبحوا شاة في كل رجب ، وفي كل أضحى شاة

[ ص: 389 ] قرئ على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت وأنا أسمع ، أخبرك محمود بن إسماعيل الصيرفي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا عمرو بن عون ، حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي المليح ، عن نبيشة ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب ؛ فما تأمرنا ؟ فقال : في كل سائمة فرع .

وفي الباب أحاديث سوى ما ذكرنا ، وفيها دلالة على الأمر بالفرع والعتيرة ، ولكن قوما قد ذهبوا إلى أن هذه الآثار منسوخة ، وتمسكوا في ذلك بحديث أبي هريرة .

أخبرنا أبو سعيد عبد الغفار بن عبد الرزاق بن أبي الفرج الأبهري ، أخبرنا الحسن بن أحمد القاري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا أبو القاسم اللخمي ، أخبرنا أبو إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا فرع ولا عتيرة .

أخبرني أبو عبد الله سفيان بن أحمد بن محمد الثوري ، أخبرنا إبراهيم بن الحسن بن محمد ، أخبرنا منصور بن الحسين بن علي ، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم المنذر الفقيه ، قال : ثبت أن عائشة قالت : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفرعة من كل خمسين بواحدة .

[ ص: 390 ] وروينا عن نبيشة الحديث ، قال : وخبر عائشة ، وخبر نبيشة ثابتان .

وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية ، ويفعلها بعض أهل الإسلام ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نهى عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : لا فرع ولا عتيرة ، فانتهى الناس عنها ؛ لنهيه إياهم عنها ، ومعلوم أن النهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل ، ولا يعلم أن أحدا من أهل العلم يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهاهم عنهما ، ثم أذن فيهما ، والدليل على أن الفعل كان قبل النهي قوله في حديث نبيشة : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية ، وإنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية ، وفي إجماع عوام علماء الأمصار أن استعمالها ذلك وقوف على الأمر بهما مع ثبوت النهي عن ذلك بيان لما قلناه .

وقد كان ابن سيرين من بين أهل العلم يدع العتيرة في شهر رجب ، وكان يروي فيها شيئا .

وكان الزهري يقول : الفرعة أول النتاج ، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في رجب .

وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا فرعة ولا عتيرة : قال أبو عمر : وهي الفرعة ، والفرع بنصب الراء ، وهو أول ولد تلده الناقة ، وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية ؛ فنهوا عنها .

قال أبو عبيد : وأما العتيرة فهي الرجبية ، كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم أمرا نذر إن ظفر به أن يذبح من غنمه في رجب ، كذا وكذا وهي العتائر ونسخ بعد .

ويمكن أن يسلك في هذه الأحاديث غير مسلك ابن المنذر ؛ فيحمل قوله - عليه السلام - : لا فرعة ولا عتيرة أي : لا فرعة واجبة ، ولا عتيرة واجبة ، وهذا أولى ؛ ليكون جمعا بين الأحاديث كلها ، وروينا نحو هذا القول عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية