الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 491 ] ذكر ما يدل على النسخ

أخبرني عبد الله بن محمد ، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن إذنا ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عبد الملك بن الحسن ، أخبرنا يعقوب بن إسحاق ، حدثنا الدقيقي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا ابن عون قال : كتبت إلى نافع أسأله عن القوم إذا غزوا يدعون العدو قبل أن يقاتلوا ، فكتب إلي إنما كان ذلك الدعاء في أول الإسلام ، وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم ، وسبا سبيهم ، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث .

وحدثني بهذا الحديث عبد الله ، وكان في ذلك الجيش .

هذا حديث صحيح ثابت متفق على ثبوته وإخراجه ، وله طرق في الصحاح من حديث نافع وغيره من أصحاب عبد الله بن عمر .

أخبرني محمد بن أحمد بن الفرج ، عن المؤتمن الساجي ، أخبرتنا فاطمة بنت الحسن بن علي الدقاق ، أخبرنا عبد الملك بن الحسن الأزهري ، أخبرنا أبو عوانة الإسفرائيني ، حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ، حدثنا علي بن بكار ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار على خيبر يوم الخميس وهم غارون ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرية .

وقال بعض من رام الجمع بين هذه الأحاديث : إن الأحاديث الأول [ ص: 492 ] محمولة على الأمر بدعاء من لم تبلغهم الدعوة ، وأما بنو المصطلق وأهل خيبر وابن أبي الحقيق فإن الدعوة كانت قد بلغتهم .

وقال ابن المنذر أيضا : وأغار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر بغير دعوة ، وأباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبييت المشركين ، وأمر أسامة بن زيد أن يغير على أبنى ، ودفع الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب ليقاتل من غير أن يأمر أحدا منهم أن يقدم بين يديه دعاء لهم ، فدل ذلك على أن المأمور بالدعاء من قاتل من لم تبلغهم الدعوة ، أما من بلغته الدعوة فإن قتالهم مباح من غير دعاء يحدثه لهم من أراد قتالهم ، والله أعلم .

وقالوا أيضا في حديث أنس كان ينزل قريبا منهم حتى يصبح ، يحتمل أنه كان يفعل ذلك عند كثرة المسلمين وقوتهم ، وثقته بظفرهم ؛ لئلا يجني بعض المسلمين على بعض في سواد الليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية