الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 504 ] ومن كتاب الغنائم

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله وجماعة ، قالوا : أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله بن محمد الأسدي ، حدثنا زهير أبو الحسن علي بن الحسن ، أخبرنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا الحسن بن الحر ، حدثنا الحكم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم ، فلما نزلت : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ترك النفل الذي كان ينفل ، وصار ذلك في خمس الخمس ، وسهم الله وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - .

هذا منقطع ، فإن صح فهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب .

وقال أبو داود : أخبرنا محمود بن خالد ، حدثنا عبد الله - يعني ابن جعفر ، حدثنا عبيد الله ، عن زيد بن الحكم ، عن رجل ، عن أبيه في الأنفال فقال : يسألونك عن الأنفال وهي في قراءة عبد الله بن مسعود : " يسألونك الأنفال " ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفل ما شاء من المغنم ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل سعد بن مالك سلاح العاص بن سعيد يوم بدر ، وكان سعد قتل العاص ، ثم نسخ ذلك ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) في قراءة عبد الله : " ( إنما غنمتم من شيء فلله وللرسول ) " فكان يؤخذ المغنم فيخرج خمسه ، فينفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خمس الخمس سهمه .

[ ص: 505 ] والإمام اليوم له أن ينفل من سهم الله والرسول ما شاء ، وإنما هو خمس الخمس ليس غيره .

[ ص: 506 ] باب أخذ السلب من غير بينة ، وما فيه من الاختلاف

أخذ سعد السلب - اختلاف أهل العلم - رأي لطائفة - رأي أهل الحديث - حديث أبي قتادة وأخذ السلب .

أخبرني محمود بن أبي القاسم بن عمر البغدادي ، أخبرنا طراد بن محمد في كتابه ، أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن ، أخبرنا حامد بن محمد الهروي ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو عبيد ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الشيباني ، عن أبي عون الثقفي ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : لما كان يوم بدر قتلت سعيد بن العاص ، وقال غيره : العاص بن سعيد .

قال أبو عبيد : هذا عندنا هو المحفوظ ؛ قتل العاص ، قال : وأخذت سيفه ، وكان يسمى ذا الكثيفة ، فأتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قتل أخي عمير قبل ذلك ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذهب به فألقه في القبض ، فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي ، وأخذ سلبي ، فما جاوزت إلا قريبا حتى نزلت سورة الأنفال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذهب فخذ سيفك .

وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :

فذهب بعضهم إلى أن القاتل يعطى السلب إذا قال إنه قتله ، ولا يسأل على ذلك بينة ، وإليه ذهب الأوزاعي عملا بظاهر هذا الحديث ، وفي الباب أحاديث غير هذا .

[ ص: 507 ] وقالت طائفة من أهل الحديث : لا يعطى إلا ببينة ؛ لأنه مدع ، ورأت الحديث الذي ذكرناه منسوخا ؛ لأن هذا كان يوم بدر .

وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عام حنين : من قتل قتيلا عليه بينة فله سلبه .

أخبرنا أبو علي بن أبي الفتح الطبري ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمر بن كبير بن أفلح ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة ، عن أبي قتادة ، قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر ، فلما التقينا كان للمسلمين جولة ، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين بالسيف ، فاستدرت إليه حتى أتيت من ورائه فضربته على حبل عنقه ، فأقبل فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، وأدركه الموت فأرسلني ، فلحقت عمر بن الخطاب فقال : ما للناس ؟ قلت : أمر الله ، ثم إن الناس رجعوا ، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ، قال : فقمت ، فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست ، ثم قال مثل ذلك ، قال : فقمت فقلت من يشهد لي ؟ ثم جلست ، ثم قال مثل ذلك الثالثة ، فقمت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما لك يا أبا قتادة ؟ فقصصت عليه القصة ، فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله ، سلب ذلك القتيل عندي فأرضه من حقه . فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : لاها الله ؛ إذا لا نعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فنعطيك سلبه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدق فأعطه إياه ، فأعطاني فبعت الدرع ، وابتعت مخرفا في بني سلمة ، فإنه لأول ما تأثلته في الإسلام .

هذا حديث صحيح ثابت من حديث المدنيين ، اتفقت أئمة الصحاح على إخراجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية