الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 547 ] ذكر أحاديث تدل على أن النهي كان بعد الإباحة أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي ، أخبرنا أبو زكريا العبدي ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد ، أخبرنا أبو بكر بن عاصم ، حدثنا هدبة ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثني عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن الطفيل بن سخبرة - أخي عائشة لأمها - أنه قال : رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على رهط من اليهود فقلت : من أنتم ؟ فقالوا : نحن اليهود . فقلت : فإنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : عزير ابن الله . قالوا : وأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وما شاء محمد . ثم أتيت على رهط من النصارى فقلت : من أنتم ؟ فقالوا : نحن النصارى . فقلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون : المسيح ابن الله . فقالوا : وأنتم القوم لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فلما أصبح أخبر بها من أخبر ، ثم أخبرت بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل أخبرت بها أحدا ؟ قلت : نعم . فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من أخبر منكم ، وإنكم لتقولون الكلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها ، فلا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد .

تابعه : شعبة ، وزائدة ، ونفر عن عبد الملك نحوه ، ورواه عنه : سفيان الثوري ، فخالفهم في ذلك .

أخبرنا محمد بن محمد بن أبي نصر الخطيب ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا الشيخ الحافظ ، أخبرنا إسحاق بن أحمد ، قال : قرأت على عباس بن يزيد البصري ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : لقي رجل من المسلمين رجلا من اليهود فقال : نعم القوم أنتم تزعمون أنا مشركون وأنتم مشركون ؛ [ ص: 548 ] تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : والله لقد كنت أكرهها ؛ فقولوا : ما شاء الله ، ثم شاء محمد .

وقد روي عن شعبة قول آخر خلاف الأول .

وبالإسناد قال أبو الشيخ ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا هانئ بن يحيى ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن عبد خير ، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : قالت اليهود : نعم القوم أنتم قوم محمد لولا أنهم يقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فقال صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد ؛ ولكن قولوا ما شاء الله وحده .

أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر ، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين في كتابه ، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر ، أخبرنا علي بن بحر القطان ، أخبرنا محمد بن يزيد ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن خراش ، عن حذيفة بن اليمان : أن رجلا من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلا من أهل الكتاب فقال : نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون ؛ قال : تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : والله إن كنت لأعرفها لكم ؛ قولوا : ما شاء الله ، ثم ما شاء محمد .

قالوا : وسكوته - صلى الله عليه وسلم - إذن لهم في ذلك حتى نهاهم فانتهوا ، وقد يشكل على بعض الناس الجمع بين هذا الحديث والحديث الآخر في الوافد الذي قدم [ ص: 549 ] وقال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : بئس الخطيب أنت ؛ هلا قلت : ومن يعص الله ورسوله ؛ إذ جوز له ما أنكر عليه في الحديث الأول ؛ لأن الحديث الأول كان مذكورا بحرف الواو ، وهي تقتضي الترتيب مع التراخي ، وأما في الحديث الثاني فأمره أن يعدل بضمير التثنية إلى واو العطف ، وقد بين الشافعي رضي الله عنه ذلك بيانا شافيا .

أخبرنا أبو مسلم محمد بن أبي الفتوح ، أخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبي ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رضي الله عنه : المشيئة إرادة الله ؛ قال الله - عز وجل - : وما تشاءون إلا أن يشاء الله فأعلم الله خلقه أن المشيئة له دون خلقه ، وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء ، فيقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما شاء الله ثم شئت . ولا يقال : ما شاء الله وشئت . قال : ويقال : من يطع الله ورسوله ؛ فإن الله تعبد العباد بأن فرض طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أطيع الله تعالى بطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 550 ] آخره بتمامه ، تم جميع الديوان ، الحمد لله رب العالمين ، وصلواته على محمد خاتم النبيين ، وذلك في يوم الجمعة خامس عشر رجب المبارك سنة اثنين وعشرين وسبعمائة الهلالية ، وكتبت هذه النسخة من خط مصنفها أبي بكر محمد بن أبي عثمان الحازمي رحمه الله ، وقرأه عليه جماعة .

السابق


الخدمات العلمية