الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
وأما المسألة الثانية : في نسخ السنة بالكتاب ، فقد ذهب أكثر المتأخرين على جوازه ، وقالوا : الناسخ في الحقيقة - هو الله تعالى - والكل من عنده ، فما المانع منه ؟ وأي تأثير لاعتبار التجانس في ذلك مع أن العقل لا يحيله ، والسمع دل على وقوعه ؟ وقد روي في ذلك حديث في سنده مقال .

قرأت على أبي بكر محمد بن ذاكر بن محمد ، أخبرك الحسن بن أحمد بن الحسن القاري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا محمد بن داود القنطري أبو حفص الكبير ، حدثنا جبرون بن واقد ببيت المقدس ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كلامي لا ينسخ كلام الله ، وكلام الله ينسخ كلامي ، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا .

جبرون بن واقد لا يعرف له سوى حديثين ؛ هذا أحدهما وهو منكر ، ولا أعلم رواه غيره .

وخالفهم في ذلك جماعة ، وقالوا : لا بد من اعتبار التجانس ، قالوا : [ ص: 109 ] الكتاب مجمل ، والسنة مبينة ، وفي تجويز نسخ المبين بالمجمل إخلال بمقصود التفاهم ، وتفاصيل مذاهب الكل مذكورة في كتب أصول الفقه ، والقصد هنا الإيماء إلى جمل من ذلك .

وإذ تمت المقدمة ، فلنشرع الآن في المقصود ، مرتبا على أبواب الفقه ؛ ليكون أسهل تناولا ، والله تعالى يديم به النفع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية