الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 124 ] ذكر ما يدل على النسخ

أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد ، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين التاجر ، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا الثقة ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال بعضهم عن أبي بن كعب ، ووقفه بعضهم على سهل بن سعد ، قال : كان الماء من الماء شيئا في أول الإسلام ، ثم ترك ذلك بعد ، وأمروا بالغسل إذا مس الختان الختان .

[ ص: 125 ] وأخبرني أبو العلاء محمد بن جعفر الخازن ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد التاجر في كتابه ، عن إسماعيل بن نيال ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد التاجر ، أخبرنا موسى بن عيسى ، أخبرنا أحمد بن منيع ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد ، عن أبي بن كعب ، قال : إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ، ثم نهي عنها .

هذا حديث يختلف فيه عن الزهري ، فرواه يونس كما ذكرناه ، ورواه عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب قال : حدثني بعض من أرضى ، أن سهل بن سعد أخبره عن أبي ، ورواه معمر ، عن الزهري ، موقوفا على سهل بن سعد ، وروي بإسناد آخر موصول عن أبي حازم ، عن سهل ، عن أبي بن كعب .

ويشبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم عن سهل .

وعلى الجملة الحديث محفوظ عن سهل عن أبي ، أخرجه أبو داود في كتابه .

قال الشافعي : وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب في قوله : الماء من الماء ، ونزوعه : أن فيه دلالة على أنه سمع الماء من الماء من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع خلافه فقال به ، ثم لا أحسبه تركه إلا أنه ثبت له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعده ما نسخه .

قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد الدقاق ، أخبرك أبو طالب عبد القادر بن محمد ، أخبرنا أبو علي المذكر ، أخبرنا أحمد بن جعفر المالكي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن موسى بن أيوب الغافقي ، عن بعض ولد رافع بن خديج ، عن [ ص: 126 ] رافع بن خديج ، قال : ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بطن امرأتي ، فقمت ولم أنزل ، فاغتسلت وخرجت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أنك دعوتني وأنا على بطن امرأتي ، فقمت ولم أنزل ، فاغتسلت وخرجت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا عليك ، الماء من الماء .

قال رافع : ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالغسل
. هذا حديث حسن .

وقد ذكرنا حديث عائشة ، وسؤال أبي موسى ، وحديث أبي هريرة ، وهي أحاديث صحاح تشيد هذه الآثار .

وقد روى مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن كعب ، عن محمود بن لبيد ، أنه سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ، ثم يكسل ولا ينزل . فقال زيد : يغتسل . فقلت له : إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل . فقال زيد : إن أبيا قد نزع عن ذلك قبل أن يموت .

فهذا أبي قد قال هذا ، وقد روى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ذلك ، فلا يجوز هذا عندنا ؛ إلا وقد ثبت نسخ ذلك عنده من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قاله الشافعي .

[ ص: 127 ] وقد رواه هناد بن السري ، ومحمد بن بشار ، عن بندار ، وهما من الثقات ، عن عثمان بن عمر ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سهل قال : أخبرني أبي بن كعب قال : إنما كانت رخصة في أول الإسلام الماء بالماء ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغسل بعد ذلك ؛ خرج الماء أو لم يخرج .

وأخبرني أبو طاهر روح بن بدر بن ثابت قراءة عليه ، أو قرأته عليه ، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد التاجر في كتابه ، عن أبي سعيد محمد بن موسى بن شاذان الصيرفي ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان المؤذن ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد ، أخبرني عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب أنه كان يقول : " ليس على من لم ينزل غسل " . ثم نزع عن ذلك أبي قبل أن يموت .

[ ص: 128 ] وفيما روي عن محمد بن يحيى الذهلي ، أخبرنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري قال : كان رجال من الأنصار - فيهم أبو أيوب ، وأبو سعيد الخدري - يفتون ( الماء من الماء ) ، ويقولون : إنه ليس على من مس امرأته غسل ما لم يمن . فلما ذكر ذلك لعمر بن الخطاب ، ولعثمان بن عفان ، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر ، أبوا تلك الفتيا ، وقالوا : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل . وهذا يدل على أن أكثر من كان يرى الرخصة لما بلغهم النسخ نزعوا عن ذلك .

وروينا عن علقمة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - نحوه .

[ ص: 129 ] ذكر خبر آخر يشيد ما ذهبنا إليه

أخبرت عن زاهر بن طاهر المستملي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني ، أخبرنا أبو حاتم ، محمد بن حبان بن أحمد التميمي ، أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان ، حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة ، حدثنا أبو ضمرة ، حدثنا الحسين بن عمران ، عن الزهري قال : سألت عروة في الذي يجامع ولا ينزل ؟ قال : على الناس أن يأخذوا بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل ، وذلك قبل فتح مكة ، ثم اغتسل بعد ذلك ، وأمر الناس بالغسل .

هذا حديث قد حكم أبو حاتم بن حبان بصحته ، وأخرجه في صحيحه ، غير أن الحسين بن عمران قد يأتي عن الزهري بالمناكير ، وقد ضعفه غير واحد من أصحاب الحديث . وعلى الجملة الحديث بهذا السياق فيه ما فيه ، لكنه حسن جيد في الاستشهاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية