الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 202 ] 4 - باب في نسخ الالتفات في الصلاة

الخشوع في الصلاة - هل يجوز الالتفات في الصلاة ؟ - كراهة الالتفات لأن المقصود هو الخشوع

قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم ، أخبرك أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، أخبرنا علي بن الحسن بن العبد ، أخبرنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن شهاب ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا ، فلما نزلت : قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون نظر هكذا ، قال ابن شهاب ببصره نحو الأرض .

هذا ، وإن كان مرسلا ، غير أن له شواهد في الأحاديث الثابتة تشيده ؛ قرأت على أبي بكر : محمد بن ذاكر بن محمد الخرقي ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا علي بن عمر ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان ، حدثنا محمود بن آدم ، حدثنا الفضل بن موسى ، حدثنا عبيد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتفت في صلاته [ ص: 203 ] يمينا وشمالا ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره .

هذا حديث تفرد به الفضل بن موسى ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلا ، وأرسله غيره عن عكرمة .

وقد ذهب أهل العلم إلى هذا ، وقالوا : لا بأس بالالتفات في الصلاة ما لم يلو عنقه ، وإليه ذهب عطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والأوزاعي ، وأهل الكوفة .

أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد بن محمد ، أخبرنا عبد الله بن محمد الضبي ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن خالد الحلبي ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال : حدثني أبو كبشة السلولي ، عن سهل بن الحنظلية ، أنهم ساروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر فأطنبوا السير ، وذكر الحديث قال : فلما أصبحنا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مصلاه ، فركع ركعتين ، قال : فثوب بالصلاة ، فجعل رسول [ ص: 204 ] الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة يلتفت إلى الشعب ، وذكر تمام الحديث .

هذا حديث حسن أخرجه أبو داود في كتابه ، عن أبي توبة ، وقال من ذهب إلى حديث ابن عباس : هذا الحديث لا يناقض الحديث الأول ؛ لاحتمال أن الشعب كان في جهة القبلة ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتفت إليه ، ولا يلوي عنقه .

وذهب الحكم بن عتيبة إلى أنه من تأمل عن يمينه في الصلاة ، أو عن شماله حتى يعرفه ، فليست له صلاة .

وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة ذلك وهو الأولى ؛ لأن المقصود الأعظم في الصلاة الخشوع ، ومع الالتفات لا يحصل هذا الغرض ، قال من ذهب إلى هذا القول : كان الالتفات جائزا ثم نسخ فصار مكروها ، وعمدتهم في ذلك ما قرأته على أبي الثناء محمد بن محمد بن هبة الله الواعظ ، أخبرك محمد بن عبد الله بن أحمد الفقيه ، أخبرنا علي بن أحمد النيسابوري ، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم ، حدثنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزل : الذين هم في صلاتهم خاشعون .

التالي السابق


الخدمات العلمية