نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ولا يجوز الأكل من بقية الهدايا ) لأنها دماء كفارات ، وقد صح { أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أحصر بالحديبية وبعث الهدايا على يدي ناجية الأسلمي قال له لا تأكل أنت ورفقتك منها شيئا }.


الحديث الثالث : روي { أنه عليه السلام لما أحصر بالحديبية ، وبعث الهدايا على يدي ناجية الأسلمي ، قال له : لا تأكل أنت ، ولا رفقتك منها شيئا }; قلت : حديث ناجية ليس فيه قوله : { لا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا } ، كما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديثه : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي ، قال : إن عطب فانحره ، ثم اصبغ نعله في دمه ، ثم [ ص: 304 ] خل بينه وبين الناس }انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ; ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثامن عشر ، من القسم الأول ، والحاكم في " المستدرك " ; وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى .

ثم وجدته في " المغازي " للواقدي ، ذكره في أول غزوة الحديبية ، فقال : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، وعاصم بن عمر ، ومحمد بن يحيى بن وائل بن أبي خيثمة ، وحدثني جماعة آخرون . فقال : وكل قد حدثني بطائفة من هذا الحديث { أن النبي عليه السلام لما أراد الخروج ، فذكر القضية ، وفيها أنه عليه السلام استعمل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي ، وأمره أن يتقدمه بها ، قال : وكانت سبعين بدنة ، فذكره بطوله ، وقال بعد ذلك بنحو ورقة ، وقال ناجية الأسلمي : عطب معي بعير من الهدي ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء ، فأخبرته ، فقال : انحرها واصبغ قلائدها في دمها ، ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك منها شيئا ، وخل بينها وبين الناس } ، مختصر .

وروى في آخر الكتاب : حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن { ناجية بن جندب ، قال : كنت على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته ، فقلت : يا رسول الله أرأيت ما عطب منها كيف أصنع به ؟ قال : انحره ، وألق قلائده في دمه ، لا تأكل أنت } ، إلى آخره في أحاديث أخرى : منها حديث ذؤيب أبي قبيصة ، أخرجه مسلم ، وابن ماجه عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذؤيبا الخزاعي أبا قبيصة حدثه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالبدن معه ، ثم يقول : إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتا فانحرها ، ثم اغمس نعلها في دمها ، ثم اضرب به صفحتها ، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك }انتهى .

ورواه ابن أبي خيثمة في " تاريخه في باب الصحابة في ترجمة ذؤيب " وقال : سمعت يحيى بن معين يقول : قتادة لم يدرك سنان بن سلمة ، ولم يسمع منه شيئا انتهى .

والحديث معنعن في مسلم ، وابن ماجه ، إلا أن مسلما ذكر له شواهد ، ولم يسمه فيها ذؤيبا ، بل قال : رجلا ومنها ما أخرجه عن ابن عباس ، قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ، وبعث معه بثماني عشرة بدنة ، فقال : أرأيت إن أزحف علي شيء منها ، قال : تنحرها ، ثم تصبغ نعلها في دمها ، ثم اضربها على صفحتها ، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أصحابك ، أو قال : من [ ص: 305 ] أهلك ورفقتك }انتهى .

وفي رواية لمسلم : { وبعث معه بست عشرة بدنة } ، وهو لفظ ابن حبان في " صحيحه " ، قال النووي : يحتمل أن تكون قضيتين انتهى .

ورواه أبو داود ، وقال : عوض " رجلا " ، فلانا الأسلمي ، ولم أجد في الحديثين ، ولا في شيء من طرقهما أن هذا كان في الإحصار ، ولا أن البعث كان من الحديبية ، ولم يتعرض أحد من شارحي مسلم لشيء من ذلك .

{ حديث آخر } : أخرجه أحمد في " مسنده " ، والطبراني في " معجمه " عن شريك عن ليث عن شهر بن حوشب عن { عمرو بن خارجة الثمالي ، قال : بعث النبي عليه السلام معي بهدي ، وقال : إذا عطب منها شيء فانحره ، ثم اضرب نعله في دمه ، ثم اضرب صفحته ، ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك ، وخل بينه وبين الناس }انتهى .

وزاد فيه الطبراني : { بهدي تطوع } ، وفي لفظ أحمد قال : { سألت النبي عليه السلام عن الهدي يعطب في الطريق ، فقال : انحره } ، إلى آخره .

التالي السابق


الخدمات العلمية