نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 362 ] فصل في الكفاءة ( الكفاءة في النكاح معتبرة ) قال عليه الصلاة والسلام " { ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء ولا يزوجن إلا من الأكفاء }" ولأن انتظام المصالح بين المتكافئين عادة ; لأن الشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس فلا بد من اعتبارها ، بخلاف جانبها ; لأن الزوج مستفرش ، فلا تغيظه دناءة الفراش


[ ص: 362 ] فصل في الكفاءة

الحديث الخامس : قال عليه السلام : " { ألا لا تزوج النساء إلا الأولياء ، ولا يزوجن إلا من الأكفاء }" ; قلت : أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننيهما " عن مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء ، وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوجهن إلا الأولياء ، ولا مهر دون عشرة دراهم }انتهى .

قال الدارقطني : مبشر بن عبيد متروك الحديث ، أحاديثه لا يتابع عليها ، انتهى .

وأسند البيهقي في " المعرفة " عن أحمد بن حنبل أنه قال : أحاديث مبشر بن عبيد موضوعة كذب انتهى . قال ابن القطان في " كتابه " : وهو كما قال ، لكن بقي عليه الحجاج بن أرطاة ، وهو ضعيف ، ويدلس ، على الضعفاء انتهى .

قلت : رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن مبشر بن عبيد عن أبي الزبير عن جابر ، فذكره ; وعن أبي يعلى رواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " ، وقال : مبشر بن عبيد يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ، انتهى .

ورواه ابن عدي ، والعقيلي في " كتابيهما " وأعلاه بمبشر بن عبيد ، وأسند العقيلي عن الإمام أحمد أنه وصفه بالوضع والكذب ، انتهى .

وقال البيهقي : هذا حديث ضعيف بمرة ، وفي اعتبار الأكفاء أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة ، وأمثلها حديث علي : { ثلاثة لا تؤخرها ، وفيه والأيم إذا وجدت كفؤا }انتهى .

قلت : هذا الحديث رواه الترمذي في " الصلاة في الجنائز " حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه [ ص: 363 ] عن علي بن أبي طالب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي ، ثلاث لا تؤخرها : الصلاة إذا آنت ، والجنازة إذا حضرت ، والأيم إذا وجدت لها كفئا }انتهى . قال الترمذي في " الجنائز " : حديث غريب ، وما أرى إسناده متصلا انتهى .

قلت : أخرجه الحاكم في " المستدرك في النكاح " كذلك ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى . إلا أني وجدته ، قال : عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عوض : سعيد بن عبد الله الجهني ، فلينظر ; والمصنف استدل بهذا الحديث على اعتبار الكفاءة ، ولم يتعرض لاشتراطها ، ولا ذكر الخلاف فيه ، والحديث ظاهر في اشتراطها ، قال البيهقي في " المعرفة " : قال الشافعي : وأصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة ; لأنه عليه السلام إنما خيرها ; لأن زوجها لم يكن كفئا انتهى . واستدل ابن الجوزي في " التحقيق " على اشتراطها بحديث عائشة أنه عليه السلام ، قال : " { تخيروا لنطفكم ، وأنكحوا الأكفاء }" ، وهذا روي من حديث عائشة ; ومن حديث أنس ; ومن حديث عمر بن الخطاب ، من طرق عديدة كلها ضعيفة ، استوفيناها ، والكلام عليها في " كتاب الإسعاف بأحاديث الكشاف في أول سورة النساء " ، والله أعلم .

واستدل ابن الجوزي لأصحابنا في عدم اشتراط الكفاءة بما أخرجه النسائي ، وأحمد عن عبد الله بن بريدة عن عائشة ، قالت : { جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي من خسيسته ، قال : فجعل الأمر إليها ، فقالت : إني قد أجزت ما صنع أبي ، لكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء }انتهى . قال البيهقي : هذا مرسل ، ابن بريدة لم يسمع من عائشة ، انتهى .

قلت : هكذا رواه النسائي حدثنا زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة ، فذكره ، ورواه ابن ماجه حدثنا هناد بن السري ثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن أبيه ، فذكره سواء ; وينظر مسند أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية