نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 421 ] كتاب الطلاق

باب طلاق السنة

قال : ( الطلاق على ثلاثة أوجه : حسن ، وأحسن ، وبدعي . فالأحسن : أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها ) لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ، فإن هذا أفضل عندهم من أن يطلقها الرجل ثلاثا عند كل طهر واحدة ولأنه أبعد من الندامة وأقل ضررا بالمرأة ولا خلاف لأحد في الكراهة


[ ص: 419 - 421 ] كتاب الطلاق قوله : روي أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ; قلت : أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم النخعي ، قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض انتهى .

الحديث الأول : { قال عليه السلام لابن عمر : إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا ، فتطلقها لكل قرء تطليقة }; قلت : رواه الدارقطني في " سننه " من حديث معلى بن منصور ثنا شعيب بن رزيق أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن ثنا { عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ، ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخريين عند القرأين ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله ، قد أخطأت السنة ، والسنة أن تستقبل الطهر ، فتطلق لكل قرء ، فأمرني فراجعتها ، فقال : إذا هي طهرت فطلق عند ذلك ، أو أمسك ، فقلت : يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن [ ص: 422 ] أراجعها ؟ فقال : لا ، كانت تبين منك ، وتكون معصية }انتهى . وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، وأعله بمعلى بن منصور ، وقال : رماه أحمد بالكذب انتهى .

قلت : لم يعله البيهقي في " المعرفة " إلا بعطاء الخراساني ، وقال : إنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها ، وهو ضعيف في الحديث ، لا يقبل ما تفرد به انتهى .

قلت : قد رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا أبي ثنا شعيب بن رزيق به سندا ومتنا ; وقال صاحب " التنقيح " : عطاء الخراساني قال ابن حبان : كان صالحا ، غير أنه كان رديء الحفظ ، [ ص: 423 ] كثير الوهم ، فبطل الاحتجاج به ، وقد صرح الحسن بسماعه من ابن عمر ، قال الإمام أحمد ، فيما رواه عنه ابنه صالح : الحسن سمع من ابن عمر ; وكذلك قال أبو حاتم ; وقيل لأبي زرعة : الحسن لقي ابن عمر ؟ قال : نعم انتهى كلامه [ ص: 424 ] الحديث الثاني : قال عليه السلام لعمر : { مر ابنك فليراجعها } ، وكان قد طلقها في حالة الحيض ; قلت : أخرجه الأئمة الستة عن { ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مره فليراجعها ، ثم يمسكها حتى [ ص: 425 ] تطهر ، ثم تحيض ، فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا ، قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله }انتهى .

وفي لفظ للبخاري ، ومسلم ، أنه طلق امرأته تطليقة [ ص: 426 ] واحدة ، وهي حائض ، وفي لفظ لهما : قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " مره فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة ، سوى حيضتها التي طلقها فيها ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها ، فذلك الطلاق للعدة ، كما أمر الله عز وجل " ; وكان عبد الله طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله ، كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري في " الطلاق وفي التفسير وفي الأحكام " ، والباقون في " الطلاق " .

التالي السابق


الخدمات العلمية