نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( وإذا وصف الطلاق بضرب من الزيادة أو الشدة كان بائبا مثل أن يقول : أنت طالق بائن أو ألبتة ) وقال الشافعي رحمه الله : يقع رجعيا إذا كان بعد الدخول بها ; لأن الطلاق شرع معقبا للرجعة ، فكان وصفه بالبينونة خلاف المشروع فيلغو ; كما إذا قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك .

ولنا أنه وصفه بما يحتمله لفظه ، ألا ترى أن البينونة قبل الدخول بها وبعد العدة تحصل به ؟ فيكون هذا الوصف لتعيين أحد المحتملين ; ومسألة الرجعة ممنوعة فتقع واحدة بائنة إذا لم تكن له نية أو نوى الثنتين ، أما إذا نوى الثلاث [ ص: 446 ] فثلاث لما مر من قبل ، ولو عنى بقوله أنت طالق واحدة وبقوله بائن أو ألبتة أخرى تقع تطليقتان بائنتان ، لأن هذا الوصف يصلح لابتداء الإيقاع ( وكذا إذا قال : أنت طالق أفحش الطلاق ) لأنه إنما يوصف باعتبار أثره ، وهو البينونة في الحال فصار كقوله بائن ، وكذا إذا قال أخبث الطلاق ( أو أسوأه ) لما ذكرنا ( وكذا إذا قال طلاق الشيطان أو طلاق البدعة ) لأن الرجعي هو السني فيكون قوله البدعة وطلاق الشيطان بائنا . وعن أبي يوسف في قوله : أنت طالق البدعة أنه لا يكون بائنا إلا بالنية ; لأن البدعة قد تكون من حيث الإيقاع في حالة حيض فلا بد من النية . وعن محمد رحمه الله أنه إذا قال أنت طالق للبدعة أو طلاق الشيطان يكون رجعيا ، لأن هذا الوصف قد يتحقق بالطلاق في حالة الحيض ، فلا تثبت البينونة بالشك ( وكذا إذا قال كالجبل ) لأن التشبيه به يوجب زيادة لا محالة وذلك بإثبات زيادة الوصف ، وكذا إذا قال : مثل الجبل لما قلنا . وقال أبو يوسف رحمه الله : يكون رجعيا ; لأن الجبل شيء واحد فكان تشبيها به في توحده .

التالي السابق


الخدمات العلمية