نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ولو قال : اختاري فقالت : أنا أختار نفسي فهي طالق ) والقياس أن لا تطلق ; لأن هذا مجرد وعد أو يحتمله فصار كما إذا قال لها : طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي . وجه الاستحسان حديث { عائشة رضي الله عنهافإنها قالت لا بل أختار الله ورسوله اعتبره النبي عليه الصلاة والسلام جوابا منها } ، ولأن هذه الصيغة حقيقة في الحال ، وتجوز في الاستقبال كما في كلمة الشهادة وأداء الشاهد الشهادة بخلاف قولها : أطلق نفسي ; لأنه تعذر حمله على الحال ; لأنه ليس بحكاية عن حالة قائمة ، ولا كذلك قولها أنا أختار نفسي ; لأنه حكاية عن حالة قائمة وهو اختيارها نفسها .


الحديث الثامن : روي أن { عائشة رضي الله عنها ، قالت : لا ، بل أختار الله ورسوله ، واعتبره النبي صلى الله عليه وسلم جوابا منها }; قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن { عائشة ، قالت : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي ، فقال : إني ذاكر لك أمرا ، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك ، وقد علم أن أبوي لم يكونا [ ص: 455 ] ليأمراني بفراقه ، ثم قال : إن الله تعالى قال لي : { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا }إلى قوله { أجرا عظيما }فقلت : ففي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني [ ص: 456 ] أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل الذي فعلت }انتهى .

وفي لفظ لمسلم : بل أختار الله ورسوله ، وروى الأئمة الستة في " كتبهم " عن مسروق [ ص: 457 ] عن { عائشة قالت : خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم يعدده علينا شيئا }انتهى .

وفي [ ص: 458 ] لفظ لهما : فلم يعد ذلك طلاقا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية