نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
باب الأيمان في الطلاق ( وإذا أضاف الطلاق إلى النكاح وقع عقيب النكاح مثل أن يقول لامرأة : إن تزوجتك فأنت طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق ) وقال الشافعي رحمه الله : لا يقع لقوله عليه الصلاة والسلام " { لا طلاق قبل النكاح }.

ولنا أن هذا تصرف يمين لوجود الشرط والجزاء فلا يشترط لصحته قيام الملك في الحال ; لأن الوقوع عند الشرط والملك متيقن به عنده وقبل ذلك أثره [ ص: 463 ] المنع وهو قائم بالمتصرف . [ ص: 464 - 465 ] والحديث محمول على نفي التخيير والحمل مأثور عن السلف كالشعبي والزهري وغيرهما .


[ ص: 459 - 462 ] باب الأيمان في الطلاق الحديث التاسع : قال عليه السلام : { لا طلاق قبل النكاح }; قلت : أخرجه ابن [ ص: 463 ] ماجه في " سننه " عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا طلاق قبل النكاح ، ولا عتق قبل ملك }انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه ابن ماجه أيضا عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا طلاق قبل النكاح }انتهى . وجويبر ضعيف .

{ حديث آخر } : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق له فيما لا يملك ، ولا طلاق له فيما لا يملك }انتهى .

قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب ، وسألت محمد بن إسماعيل : أي شيء أصح في الطلاق قبل النكاح ؟ فقال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، انتهى .

ورواه البزار في " مسنده " بلفظ : { لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك }انتهى . وسكت عنه .

{ حديث آخر } : قال الحاكم في " المستدرك في تفسير سورة الأحزاب " : وقد صح حديث : { لا طلاق إلا بعد نكاح }على شرطهما ، من حديث ابن عمر ، وعائشة ، وابن عباس ، ومعاذ بن جبل ، وجابر بن عبد الله ; فأخرج حديث ابن عمر عن عاصم بن هلال ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا : { لا طلاق إلا بعد نكاح }انتهى .

وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير عن ابن عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن رجل قال : يوم أتزوج فلانة ، فهي طالق ثلاثة ، قال : طلق ما لا يملك }انتهى .

قال صاحب " التنقيح " : حديث باطل ، وأبو خالد الواسطي هو عمرو بن خالد ، وهو وضاع ; وقال أحمد ، ويحيى : كذاب .

{ حديث آخر } : أخرجه الحاكم أيضا عن حجاج بن منهال ثنا هشام الدستوائي عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة مرفوعا : { لا طلاق إلا بعد نكاح }انتهى .

وأخرجه الدارقطني عن الوليد بن سلمة الأزدي ثنا يونس عن الزهري عن عروة به نحوه ، قال في [ ص: 464 ] " التنقيح " : والوليد بن سلمة ، قال الأزدي ، وابن حبان : كان يضع الحديث .

{ حديث آخر } : أخرجه الحاكم أيضا عن عبد المجيد بن عبد العزيز ثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن طاوس عن معاذ مرفوعا مثله ، وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن معاذ بنحوه ، قال في " التنقيح " : لا بأس بروايته ، غير أن طاوسا عن معاذ منقطع ; وأخرجه الدارقطني أيضا عن يزيد بن عياض عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن معاذ مرفوعا مثله ; وزاد ولو سميت المرأة بعينها انتهى . قال الدارقطني : ويزيد بن عياض ضعيف انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الحاكم أيضا عن وكيع عن ابن أبي ذئب عن عطاء ، ومحمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا : { لا طلاق قبل نكاح }انتهى .

ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ثنا وكيع به .

{ حديث آخر } : أخرجه الحاكم أيضا عن أيوب بن سليمان الجريري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا : { لا طلاق لمن لا يملك } ، انتهى .

وأخرجه الدارقطني عن سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا مثله ، وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، وقال : إسناده ضعيف ، قال ابن القطان : وعلته سليمان بن أبي سليمان ، فإنه شيخ ضعيف الحديث ، قاله أبو حاتم الرازي انتهى .

وقال صاحب " التنقيح " : هذا حديث لا يصح ، فإن سليمان بن أبي سليمان ، هو سليمان بن داود اليمامي ، متفق على ضعفه . قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى .

قال الحاكم : إنما لم يخرج الشيخان في " كتابيهما " هذا الحديث لأنهما وجدا مداره على إسنادين واهيين : أحدهما : عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي .

والثاني : عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، فلذلك لم يقع منهما الاستقصاء في طلب هذه الأسانيد الصحيحة انتهى . يعني أسانيده التي أخرجها . [ ص: 465 ]

{ حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن علي بن قرين ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي ثعلبة الخشني ، قال : { قال عم لي : اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي ، فقلت : إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ، ثم بدا لي أن أتزوجها ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته ، فقال لي : تزوجها ، فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح ، قال : فتزوجتها ، فولدت لي سعدا وسعيدا }انتهى .

قال صاحب " التنقيح " : وهذا أيضا باطل ، وعلي بن قرين كذبه يحيى بن معين ، وغيره ; وقال ابن عدي : يسرق الحديث ، ومذهب أحمد كمذهبنا ، ومالك فصل بين أن يعين المرأة فيصح ، وإن لم يعين لم يصح ، وحديث معاذ المتقدم حجة عليه . فإن فيه عند الدارقطني : ولو سميت المرأة بعينها إلا أنه ضعيف . قوله : والحديث محمول على نفي التخيير ، والحمل مأثور عن السلف ، كالشعبي ، [ ص: 466 ] والزهري ، وغيرهما ; قلت : حكى أبو بكر الرازي عن الزهري ، قال : قوله : { لا طلاق قبل نكاح } ، هو الرجل ، يقال له : تزوج فلانة فيقول : هي طالق ، فهذا ليس [ ص: 467 ] بشيء ، فأما من قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، فإنما طلقها حين تزوجها ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " : أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، وكل أمة أشتريها فهي حرة ، هو كما قال ، فقال له معمر : أوليس قد جاء : لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك ؟ قال : إنما ذلك أن يقول الرجل : امرأة فلان طالق ، وعبد فلان حر انتهى .

وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن سالم ، والقاسم ، وعمر بن عبد العزيز ، والشعبي والنخعي والزهري والأسود وأبي بكر بن عبد الرحمن ، وأبي بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن عبد الرحمن ومكحول في رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، أو يوم أتزوجها فهي طالق ، أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، قالوا : هو كما قال ; وفي لفظ : يجوز ذلك عليه انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية