نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 252 - 257 ] ( والمسح على ظاهرهما خطوطا بالأصابع ، يبدأ من قبل الأصابع إلى الساق ) لحديث المغيرة { أن النبي عليه الصلاة والسلام وضع يديه على خفيه ومدهما من الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة ، وكأني أنظر إلى أثر المسح على خف رسول الله عليه الصلاة والسلام خطوطا بالأصابع }" ثم المسح على الظاهر حتم حتى لا يجوز على باطن الخف وعقبه وساقه ; لأنه معدول به عن القياس فيراعى فيه جميع ما ورد به الشرع والبداءة من الأصابع استحباب اعتبارا بالأصل وهو الغسل ( وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من [ ص: 258 ] أصابع اليد ) وقال الكرخي رحمه الله تعالى: من أصابع الرجل ، والأول أصح اعتبارا لآلة المسح .


الحديث الثاني : روى المغيرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على خفيه ومدهما من [ ص: 258 ] الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة ، وكأني أنظر إلى أثر المسح على خف رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوطا بالأصابع }قلت : غريب ، ويقرب منه ما رواه ابن أبي شيبة " في مصنفه " حدثنا الحنفي عن أبي عامر الخزاز ثنا الحسن عن المغيرة بن شعبة ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ، ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن ، ويده اليسرى على خفه الأيسر ، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين }انتهى .

قال " في الإمام " : ورواه أبو أسامة عن أشعث عن الحسن به ، ولم يعزه .

{ حديث آخر } يقرب منه ، رواه ابن ماجه في " سننه " من حديث بقية عن جرير بن يزيد حدثني منذر عن محمد بن المنكدر عن جابر ، قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ، ويغسل خفيه ، فقال : بيده كأنه دفعه إنما أمرت بالمسح ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا : من أطراف الأصابع إلى أصل الساق وخطط بالأصابع }. انتهى .

قال صاحب " التنقيح " : وجرير هذا ليس بمشهور ، ولم يرو عنه غير بقية [ ص: 259 ] ومنذر هذا كأنه ابن زياد الطائي ، وقد كذبه الفلاس ، وقال الدارقطني : متروك ، ولم يخرج ابن ماجه لجرير ، ومنذر غير هذا الحديث انتهى كلامه .

وهذا الحديث مما استدركه شيخنا أبو الحجاج المزي على ابن عساكر ، إذ لم يذكره في " أطرافه " وكأنه ليس في بعض نسخ ابن ماجه ، وأنا وجدته في نسخة ولم أجده في أخرى ، والله أعلم .

حديث آخر : أخرجه الطبراني في " معجمه الوسط " عن بقية عن جرير بن يزيد الحميري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ، وهو يغسل خفيه ، فنخسه بيده ، وقال : إنما أمرنا بالمسح هكذا ، وأراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة ، وفرج بين أصابعه }انتهى .

قال : لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به بقية .

حديث آخر في الباب

أخرجه أبو داود عن عبد خير عن { علي قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عن أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه }انتهى . قال البيهقي : والمرجع فيه إلى عبد خير ، وهو لم يحتج به [ " صاحبا الصحيح " ] .

{ حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مسنده " حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان } ، انتهى .

ورواه الدارقطني بلفظ : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة }انتهى . لم يذكر الطهارة ، قال في " الإمام " : ورواه الفقيه أبو بكر بن الجهم المالكي في " كتابه " فقال : على الخفين ، لم يذكر الطهر ، قال : وخالد بن أبي بكر هذا هو " ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر " ، انتهى كلامه . [ ص: 260 ] وأما حديث الوليد بن مسلم

أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة ، قال : { وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخف وأسفله }انتهى .

فأخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وهو ضعيف ، قال أبو داود : بلغني أن ثورا لم يسمعه من رجاء ، وقال الترمذي : حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد ، وسألت محمدا وأبا زرعة عن هذا الحديث ، فقالا : ليس بصحيح ; لأن ابن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال : حدثت ، عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ، وقال الدارقطني في " العلل " : هذا حديث لا يثبت ; لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلا انتهى .

قال الشيخ في " الإمام " : وهذا الذي أشاروا إليه ذكره الأثرم عن أحمد بن حنبل ، فقال : سمعت أحمد بن حنبل يضعف هذا الحديث ، ويذكر أنه ذكره لعبد الرحمن بن مهدي ، فذكر عن ابن المبارك عن ثور ، قال : حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأفسده من وجهه حين قال : حدثت عن رجاء ، وحين أرسل ، فلم يسنده ، قال الشيخ : وقد روى الدارقطني هذا الحديث ، فقال فيه : حدثنا رجاء فالله أعلم انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية